ابن خديج: فنزلت: يوصيكم الله في أولادكم. فقد قيل: إنه وهم وأن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هي الآية الأخيرة من سورة النساء وهي:
يستفتونك. قال شعبة: قلت لمحمد بن المنكدر: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة؟ قال: هكذا أنزلت.
أما الأحكام: فإن الاخوة والأخوات للأم فيسقطون عن الإرث مع أحد أربعة، مع الأب أو الجد الوارث أو مع الولد ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو أكثر أو مع ولد البنين، سواء كان ولد الابن ذكرا أو أنثى، واحدا كان أو أكثر، والدليل عليه قوله تعالى (وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة وله أخ أو أخت فلكل واحد منهما السدس، فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث) فورثهم بالكلالة، والكلالة هو من لا ولد له ولا والد.
والدليل عليه الكتاب والسنة والاجماع واللغة. فالكتاب يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ان امرؤ هلك ليس له ولد، فنص على أن الكلالة من لا ولد له، والاستدلال من الآية أن الكلالة أيضا من لا والد له لقوله تعالى (وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها ان لم يكن لها ولد) فورث الأخت نصف مال الأخ وورث الأخ جميع مال الأخت إذا لم يكن لها ولد ولا والد.
وأما السنة: فرواية جابر كيف أصنع بمالي؟ إنما ترثني كلاله، ولم يكن له ولد ولا والد، فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك.
وأما الاجماع فروى عن أبي بكر وعلى وابن مسعود وابن عمر رضي الله عنهم أنهم قالوا الكلالة من لا ولد له ولا والد، ولا مخالف لهم.
وأما اللغة، فإن الكلالة مأخوذة من الإكليل، والإكليل إنما يحيط بالرأس من الجوانب، ولا يتعلق عليه ولا ينزل عنه، والأب يعلو الميت، وولده ينزل عنه، كذلك الكلالة له يحيط بالميت من الجوانب ولا تعلو عليه ولا تنزل عنه، ولهذا قال الشاعر الأموي يمدحهم: ورثتم قناة الملك لا عن كلاله * عن ابني مناف عبد شمس وهاشم أي لم ترثوا الملك عمن هو مثلكم، وإنما ورثتموه عمن هو أعلى منكم،