قال المصنف رحمه الله تعالى:
باب ما يصح به النكاح لا يصح النكاح إلا بولي فان عقدت المرأة لم يصح، وقال أبو ثور: إن عقدت بإذن الولي صح، ووجهه أنها من أهل التصرف، وإنما منعت من النكاح لحق الولي، فإذا أذن زال المنع كالعبد إذا أذن له المولى في النكاح، وهذا خطأ لما روى أبو هريرة رضي الله عنه رفعه (لا تنكح المرأة المرأة، ولا تنكح المرأة نفسها) ولأنها غير مأمونة على البضع لنقصان عقلها، وسرعة انخداعها، فلم يجز تفويضه إليها كالمبذر في المال، ويخالف العبد فإنه منع لحق المولى، فإنه ينقض قيمته بالنكاح، ويستحق كسبه في المهر والنفقة فزال المنع باذنه، فان عقد النكاح بغير ولى وحكم به الحاكم ففيه وجهان.
(أحدهما) وهو قول أبي سعيد الإصطخري: أنه ينقض حكمه، لان مخالف لنص الخبر: وهو ما روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل: فنكاحها باطل، فان اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى له فان أصابها فلها مهرها بما استحل من فرجها).
(والثاني) لا ينقض، وهو الصحيح، لأنه مختلف فيه فلم ينقض فيه حكم الحاكم كالشفعة للجار. وأما الخبر فليس بنص لأنه محتمل للتأويل، فهو كالخبر في شفعة الجار، فان وطئها الزوج قبل الحكم بصحته لم يجب الحد.
وقال أبو بكر الصيرفي: إن كان الزوج شافعيا يعتقد تحريمه وجب عليه الحد كما لو وطئ امرأة في فراشه وهو يعلم أنها أجنبية، والمذهب الأول لأنه وطئ مختلف في إباحته فلم يجب به الحد، كالوطئ في النكاح بغير شهود، ويخالف من وطئ امرأة في فراشه وهو يعلم أنها أجنبية لأنه لا شبهة له في وطئها، وان طلقها لم يقع الطلاق. وقال أبو إسحاق: يقع لأنه نكاح مختلف في صحته، فوقع