وإن كان الصداق عينا في يد الزوجة فأرادت أن تعفو عن نصفها افتقر إلى شروط الهبة، وإن أراد الزوج أن يعفو عنها، فإن قلنا: إنه يملك بنفس الطلاق فهو يهبها شيئا في يدها فلا بد فيه من الايجاب والقبول، ومضى مدة القبض.
(فرع) إذا تزوج امرأة بمهر حرام أو مجهول وجب لها مهر مثلها، فإن أبرأته عنه وكانت تعلم قدره صحت البراءة. وإن كانت لا تعلم قدره وأبرأته عنه لم تصح البراءة. وقال أبو حنيفة تصح، دليلنا أنه إزالة ملك بلفظ لا يسرى فلم يصح مع الجهل به كالبيع، وفيه احتراز من العتق، وإذا ثبت أن الابراء في الكل لا يصح فهل يصح في قدر ما يتحققه؟
قال الشيخ أبو حامد: المعروف أنه لا يصح، وقال أبو إسحاق: يصح، لأنا إنما منعنا صحة البراءة في كله لأجل الغرر، وهذا لا يوجد فيما يتحقق أنه لها، وإن كانت تعلم أن المهر يزيد على مائة ولا يبلغ ألفا فقالت: أبرأتك من مائة إلى ألف صح، لان الغرر قد زال والله أعلم.
قال المصنف رحمه الله:
(فصل) وان فوضت بضعها بأن تزوجت وسكت عن المهر أو تزوجت على أن لا مهر لها ففيه قولان (أحدهما) لا يجب لها المهر بالعقد وهو الصحيح لأنه لو وجب لها المهر بالعقد لتنصف بالطلاق (والثاني) يجب لأنه لو لم يجب لما استقر بالدخول ولها أن تطالب بالفرض لان اخلاء العقد عن المهر خالص لرسول الله صلى الله عليه وسلم فان قلنا يجب بالعقد فرض لها مهر المثل لان البضع كالمستهلك فضمن بقيمته كالسلعة المستهلكة في يد المشترى ببيع فاسد، وان قلنا لا يجب لها المهر بالعقد فرض لها ما يتفقان عليه لأنه ابتداء ايجاب فكان إليهما كالفرض في العقد ومتى فرض لها مهر المثل أو ما يتفقان عليه صار ذلك كالمسمى في الاستقرار بالدخول والموت والتنصف بالطلاق لأنه مهر مفروض فصار كالمفروض في العقد، وان لم يفرض لها حتى طلقها لم يجب لها شئ من المهر لقوله عز وجل (وان طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم) فدل على أنه إذا لم يفرض لم يجب النصف وان لم