عندهم تعييني لا تخييري، فغالب أتباع المذاهب الأربعة يقولون بلزوم الغسل في الأرجل لا غير، أما الشيعة الإمامية فإنهم لا يقولون إلا بالمسح وحده، وإن كلا منهما ينسب قوله - مضافا إلى دعوى استظهاره من الكتاب - إلى فعل رسول الله (ص)، وهو ما جاء في صحاح مروياتهم.
أما القائلون بالجمع (1) أو التخيير (2)، فإنهم إنما يقولون بذلك لا على أساس أن النبي (ص) جمع أو خير، بل إن القائل بالجمع إنما يقول به لكونه مطابقا للاحتياط، وأنه طريق النجاة، إذ الثابت عنده أن الكتاب ورد بالمسح، وأن السنة وردت بالغسل، فأوجبوا العمل بهما معا رعاية للاحتياط، لا على أساس أن النبي (ص) جمع بينهما، وأن ذلك هو المروي عنه (ص).
وكذا الحال بالنسبة للقائل بالتخيير، فإنه إنما ذهب إلى ذلك لتكافؤ الخبر عنده في الفعلين (المسح والغسل)، فالمكلف لو أتى بأيهما كان معذورا، إذ لم يرجح عنده أحد الفعلين حتى يلزمه الأخذ به، وعليه فدعوى التخيير مجرد رأي جماعة قليلة من فقهائنا السابقين، فلا يمكن به نقض الإجماع المركب بين المسلمين على أن الوضوء إما مسحي أو غسلي، بل هناك أدلة ستقف عليها لاحقا ترجح أحد الطرفين وبها يثبت أن لا معنى للتخيير!