الأطار المقيد إلى عالم أرحب، إذ أن النظرة الضيقة وعدم الانفتاح يوصدان أبواب التفاهم وتلاقح الأفكار، وبالنتيجة تحرمنا من قطف ثمار الاتصال بالآخرين والحوار معهم.
والآن بين أيدينا أمر عبادي مهم سنسلط الضوء عليه ليتضح لنا مدى عمق جذور الاختلاف وماهيته في مصداق واحد، ومن خلاله ربما تظهر ملامح صورة الاختلاف: وهي دراسة عن كيفية (وضوء النبي (ص)).
فكيف وقع الخلاف بين المسلمين في هذا الأمر المهم؟!
ولم اختلف في مثل الوضوء، ذلك الفعل الذي كان يؤديه النبي (ص) لعدة مرات في اليوم على مدى ثلاث وعشرين سنة، بمرأى من المسلمين.
الوضوء الذي أكد عليه النبي وجعله شرطا للصلاة التي هي عمود الدين، فقال: (لا صلاة إلا بطهور) (1)، وقال أيضا: (الوضوء شطر الأيمان) (2)؟!
إذن فالوضوء أمر عبادي، مارسه الرسول بمحضر المسلمين ثم اتبعوه بعد التعلم العملي والبيان القولي منه، وهو لم يكن بالأمر الخفي، ولا بالتشريع المؤقت المختص بفترة زمنية دون أخرى، حتى تطمس معالمه، أو تخفى ملامحه بحيث يصل الحال إلى الاختلاف فيه.
فإن كان الأمر كذلك، فما هي دواعي الاختلاف فيه؟ وما هي حقيقة البيان النبوي الشريف لهذه المسألة المهمة؟
للإجابة عن هذين السؤالين وغيرهما، نقول: لا بد من تنقيح البحث بشكل دقيق يخضع للمنهج العلمي الحديث، وإخضاع جميع ما ورد بهذا الشأن للدقة والتمحيص، وهذا ما سنحاول القيام به في دراستنا للكشف عن أمور غامضة