من القرآن، إلا براءة (1).
نحن لسنا بصدد تنقيح البحث في جواز المسح على الخفين أو عدمه، بل الذي نقوله هو: إن الخلاف لم يشكل مدرسة وضوئية كاملة، بل إن أغلب الروايات الواردة عن الخليفة في الوضوء كانت تدور حول نقطة واحدة وبيان حالة معينة من حالات الوضوء، ولم نعثر على اختلافات أخرى بين الصحابة آنذاك، كما هو مختلف فيه بين فرق المسلمين بعد ذلك، مثل حكم غسل اليدين، هل هو من الأصابع إلى المرافق أو العكس؟
أو كمسح الرأس، هل يجب كله، أو يجوز بعضه، أو أن الماء المأخوذ للمسح، هل هو واجب أو جائز، أو أن الوضوء يبطل به؟
وما هو حكم مسح الرقبة، هل هو من مسنونات الوضوء، أم ماذا؟ وما إلى ذلك من المسائل المطروحة.
إن عدم نقل وضوء بياني عن الخليفة، وعدم تأكيده على تعليم الوضوء للمسلمين لدليل على أن الاختلاف بينهم لم يكن إلا جزئيا، وأنه لم يشكل بعد عند المسلمين نهجين وكيفيتين كما هو المشاهد اليوم، إذ لو كان ذلك لسعى الخليفة في إرشاد الناس ودعوتهم إلى وضوء رسول الله (ص)، وقد تناقلت كتب السير والتاريخ اهتمامه بجزئيات الشريعة مدة خلافته الطويلة، ومنها:
ما روي من أن النبي (ص) رخص لعبد الرحمن بن عوف في لبس الحرير - لحكة كانت به - فأقبل عبد الرحمن ذات يوم على عمر ومعه فتى من بنيه قد لبس قميصا من حرير، فنظر عمر إليه وقال: ما هذا؟! ثم أدخل يده في جيب القميص فشقه إلى أسفله، فقال له عبد الرحمن: ألم تعلم أن رسول الله قد رخص