الإمام علي كون المسح على القدمين في غاية الوضوح عند الجميع، وإلا لما صح الإنكار، وادعاء التقول.
وبعد تثبت الإمام علي من أن عمر هو الراوي المجيز للمسح على الخفين، قام بمناقشة ذلك الرأي وبين أن المسح على الخفين غير جائز، وأن المسح على القدمين هو المشروع لا غير، بدليل آية من سورة المائدة التي أحكمت كل شئ، حيث أمرت بالمسح على الرجلين وأرجلكم إلى الكعبين (1)، علما بأن سورة المائدة كانت آخر ما نزل من القرآن - إلا براءة - باتفاق جميع المسلمين.
وقد حصل هذا الالتباس لصحابة آخرين غير عمر، فقد روى العياشي أنه:
أتى أمير المؤمنين رجل، فسأله عن المسح على الخفين، فأطرق في الأرض مليا، ثم رفع رأسه فقال: (يا هذا إن الله تبارك وتعالى أمر عباده بالطهارة، وقسمها على الجوارح، فجعل للوجه منه نصيبا، وجعل لليدين منه نصيبا، وجعل للرأس منه نصيبا، وجعل للرجلين منه نصيبا، فإن كانت خفاك من هذه الأجزاء، فامسح عليهما) (2).
وما ذكر الإمام علي هذا الاستدلال إلا لرفع اللبس عن القائلين بجواز المسح على الخفين، والخليفة عمر بن الخطاب من أولئك القائلين.
وأخرج السيوطي بسنده، عن ابن عباس، أنه قال: ذكر المسح على القدمين عند عمر، سعد وعبد الله بن عمر.
فقال عمر [لعبد الله]: سعد أفقه منك!
فقال [عبد الله بن] عمر: يا سعد، إنا لا ننكر أن رسول الله مسح، ولكن هل مسح منذ أنزلت سورة المائدة؟ فإنها أحكمت كل شئ، وكانت آخر سورة