قد يكون لزاما علينا أن نقول: إن الحالة الطبيعية كانت تقتضي أن تصدر النصوص البيانية الحاكية لوضوء رسول الله (ص) عن صحابة من أمثال: أنس بن مالك، سعد ابن أبي وقاص، عبد الله بن مسعود، عمار بن ياسر، أبي ذر الغفاري، جابر بن عبد الله الأنصاري، طلحة، الزبير، المقداد، عبد الرحمن بن عوف، زوجات النبي، موالي النبي، وغيرهم الكثير من الذين ما انفكوا عن ملازمته (ص).. لا أن يقتصر النقل ويختص بفئة محدودة، كعثمان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، والربيع بنت معوذ، و....
فلماذا تصدر عن المقلين في رواية الحديث، لا المكثرين الملازمين للنبي (ص) مع أن طبيعة الأشياء تقتضي الإفاضة في أحاديث الوضوء في روايات المكثرين؟!
يبدو أن وراء المسألة أمرا خفيا، خصوصا بعد أن لا نرى للشيخين وضوءا بيانيا في الباب!
أو لم يكن الشيخان من كبار أقطاب الرواية وأساطينها، ومن السابقين في الإسلام...؟؟
ثم.. ألم يكونا أفقه من عثمان، وأشمل رؤية، وأضبط رواية منه؟
فإن كان الأمر كذلك.. فكيف يصح منهما أن يتركا موضوعا عباديا في غاية الأهمية، مع ما قيل عن شدتهما في إيصال وتعليم الأحكام الشرعية إلى كل المسلمين؟!
وإذا سلمنا أن حروب الردة، وفتح العراق والبحرين وغيرها قد شغلت أبا بكر عن الاهتمام ببعض مسائل الشريعة، فهذا ما لا يمكن التسليم به بالنسبة إلى الخليفة الثاني، الذي نقل عنه بأنه كان يحمل درته ويدور في الأسواق والشوارع والأزقة، ليصلح ما قد يرى من فساد اجتماعي، وليعلم الناس ما يفترض أن يتعلموه من أحكام وآداب وسنن، وكان يهتم أيما اهتمام بمسائل الفقه فيحلها، وإذا استعصت عليه بعض المسائل، نراه يجمع كبار الصحابة ويستشيرهم،