لها (ص) وهي معه في طريق الحج وقد رآها تبكي: (ما لك أنفست؟) قالت:
نعم، فقال (ص): (إن هذا أمر كتبه الله علي بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج) (1).
وقال (ص) قريبا من هذا الحديث لأم سلمة (2).
كذلك نلاحظ أن أبا هريرة يحدث عن رسول الله أنه قال: (خلق الله التربة يوم السبت، وخلق فيها الجبال يوم الأحد، وخلق الشجر يوم... حتى يعد خلق العالم في سبعة أيام) (3) وهو مخالف لصريح القرآن الذي جاء في سبع آيات من سبع سور منه بأنه سبحانه خلق العالم في ستة أيام (4).
وبناء على ذلك فقد عرفنا بأن مناقشة دلالة النص ظاهرة عمل بها السلف ودعا إليها العقل، وهي سيرة الفقهاء والتابعين، ولم تختص بزمن دون أخر، ولم تكن رخصة للصحابة فقط، حيث إن الشريعة الإسلامية هي شريعة الفطرة والعقل، وإن الأوامر والنواهي فيها تابعة للمصالح والمفاسد، فلا يعقل أن لا يسمح الشرع بالاجتهاد في الأحكام.
نعم، إن إخضاع الأحاديث لأحكام العقول - مع عدم وجود ما يؤيد ذلك من القرآن أو السنة الشريفة - هو مما يأباه الله ولا يرضى به الشرع، لأن الأحكام الشرعية أمور توقيفية تعبدية، وبما أن القرآن قطعي الصدور فلا كلام فيه.
وأما السنة: فهي ظنية الصدور، فيجب التثبت في أسانيدها، ومفاد دلالتها، ولحاظ الأجواء السياسية الحاكمة آنذاك، وعرضها على الأصول الثابتة، ولا يمكن ترجيح جانب على آخر في مناقشاتنا للنصوص، بل يلزم لحاظ كلا الجانبين حتى يمكننا تمحيص الحجة فيها.
أما شيوع ظاهرة البحث السندي - طبق أصول مذهبية خاصة - بعيدا عن