فالصحابة كانوا يسعون للحفاظ على وحدة الصف دوما، لكن الخليفة استغل ذلك التعاطف الديني، وتصرف بالأمور من أجل ترسيخ دعائم سياسته الخاصة!
فقد نقل عن ابن عوف - على رغم مخالفته لعثمان - بأنه عندما خرج من عند عثمان، يوم اعترض عليه في اتمامه الصلاة بمنى، لقي ابن مسعود فقال ابن مسعود: الخلاف شر، قد بلغني أنه صلى أربعا فصليت بأصحابي أربعا.
فقال عبد الرحمن بن عوف: قد بلغني أنه صلى أربعا، فصليت بأصحابي ركعتين، أما الآن فسوف يكون الأمر الذي تقول، يعني نصلي معه أربعا (1).
وقيل لابن مسعود: ألم تحدثنا أن النبي صلى ركعتين، وأبا بكر صلى ركعتين؟
فقال: بلى، وأنا أحدثكموه الآن.. ولكن عثمان كان إماما فما أخالفه، والخلاف شر (2).
وقيل لابن عمر: عبت على عثمان ثم صليت أربعا!
قال: الخلاف شر (3).
وجاء في طبقات ابن سعد: إن ناسا من أهل الكوفة قالوا لأبي ذر - وهو بالربذة -: إن هذا الرجل فعل بك ما فعل، هل أنت ناصب لنا راية (يعني نقاتله)؟
قال: لا، لو أن عثمان سيرني من المشرق إلى المغرب، سمعت وأطعت (4).
كانت هذه حالة الصحابة مع عثمان في السنوات الست الأولى، أما عندما رأوا أن الدين على خطر، فقد تغيرت سياستهم العامة ووقفوا بوجهه وأفتوا بقتله، كما صدر عن السيدة عائشة: اقتلوا نعثلا، فقد كفر.
وقد أخرج الثقفي في تاريخه عن سعيد بن المسيب، قال: لم يكن مقداد