الرسول ولم يعمل بها الشيخان، ولذا نراهم يطالبونه - مؤكدين عليه - بالرجوع إلى الكتاب والعمل بسنة رسوله والشيخين، ويخصون على العمل بسيرة الشيخين بمزيد من التأكيد لأنه كان قد عاهدهم على ذلك من قبل.
فقد أخرج الواقدي بإسناده عن صهبان - مولى الأسلميين - في حديث طويل: قال أبو ذر لعثمان: اتبع سنة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام.
فقال له عثمان: مالك وذلك لا أم لك!
فقال له أبو ذر: والله ما وجدت عذرا إلا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فغضب عثمان، وقال: أشيروا علي في هذا الشيخ الكذاب، إما أن أضربه، أو أحبسه، أو أقتله.. فإنه قد فرق جماعة المسلمين، أو أنفيه من الأرض!
أجابه أبو ذر بقوله: أما رأيت رسول الله ورأيت أبا بكر وعمر؟.. هل رأيت هذا هديهم؟!... إنك لتبطش بي بطش جبار!
فقال عثمان: أخرج عنا من بلادنا!
فقال أبو ذر: ما أبغض إلى جوارك، أين أخرج... (1) - الخبر.
كانت هذه سياسة عثمان مع الصحابة، فإن النصيحة تستوجب النقمة والأبعاد، وتهمة تفريق جماعة المسلمين وراء من يريد النصح لله!
أولم تكن رغبة الناصح هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟.. أولم يقل أبو بكر لجموع المسلمين: قوموني، فلست بأعلمكم.. أو: بخيركم؟.. أو قوله:
فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني؟
ثم.. أولم يتبع عمر أبا بكر في سيرته بهذا الشأن؟
فلماذا لا يقبل الخليفة الثالث نهج من سبقه، ولماذا لا نراه يستشير الصحابة في الأحكام الشرعية، كما كان الشيخان، بل يريد أن يحدث في الأحكام ويشرع دون أن يقف أمامه أحد؟