وقد روي من طرق مختلفة وبأسانيد كثيرة أن عمارا كان يقول: ثلاثة يشهدون على عثمان بالكفر وأنا الرابع، وأنا أشد الأربعة لقوله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وأنا أشهد الله إنه قد حكم بغير ما أنزل الله.
وروي عن زيد بن أرقم من طرق مختلفة إنه قيل له: بأي شئ كفرتم عثمان؟
فقال: بثلاث، جعل المال دولة بين الأغنياء، وجعل المهاجرين من أصحاب رسول الله بمنزلة من حارب الله ورسوله، وعمل بغير كتاب الله (1).
وهناك الكثير من هذه النصوص التي تشير إلى ترك الخليفة الثالث العمل بكتاب الله وسنة نبيه وسيرة الشيخين، مما لها الدور الأكبر في قتله، فعدم العمل بكتاب الله وسنة نبيه لا يمكن تخصيصه بتقريبه لأهله غير المنزهين، وإن كانت تدخل ضمن عدم العمل بكتاب الله.
وما ذكره الطبري في حوادث (35) من دفاعيات عثمان عن إحداثاته تؤكد بأن الثورة عليه - كما قلنا - كانت دينية، إذ أن الإشكاليات المطروحة على لسان الخليفة لتؤكد ذلك.
قال عثمان: أتم الصلاة في السفر وكانت لا تتم، ألا وأني قدمت بلدا فيه أهلي، أو كذلك؟!!
قالوا: نعم. أو كذلك؟!!
قالوا: نعم.
{قال عثمان} وقالوا: كان القرآن كتبا، فتركها إلا واحدا، وأن القرآن واحد، جاء من عند واحد، وإنما أنا في ذلك تابع لهؤلاء، أكذلك؟
قالوا: نعم.
وقالوا: إني رددت الحكم وقد سيره رسول الله، والحكم مكي، سيره رسول الله من مكة إلى الطائف ثم رده رسول الله، فرسول الله (ص) رده، أكذلك؟!!