عن الخوض في ذكر سوء سياسته وتوليته خاصته وأقاربه، واختصاصهم بالحكم والمال دون المسلمين؟ وسيشغل المسلمين في مناقشة اجتهاداته، وسيحصل على رصيد عند بسطائهم لأنه قد أخذ جانب القدسية والزهد والتعمق في إحداثاته، فكان الطابع الغالب على تلك الإحداثات هو الزيادة، فالصلاة بمنى والنداء الثالث يوم الجمعة والوضوء وغيرها لحظ فيها الزيادة، وأن عامة الناس يرتاحون إلى الأعمال التي فيها زيادة معتقدين بأن ذلك زيادة في القدسية وخصوصا لو دعم بآراء استحسانية مقبولة في ظاهرها عند العقلاء.
إن المسلم العادي لا ينظر إلى أصول المسألة ومشروعيتها في الكتاب والسنة بقدر ما ينظر إلى الوجوه الاستحسانية فيها، فإذا كان الوضوء هو الإنقاء فالإنقاء يحصل بالغسل أكثر من المسح، أو ما قالوه عن الغسل بأنه مسح وزيادة وما شابه ذلك من الوجوه الاستحسانية.
هذا وقد كان الأمويون وعلى رأسهم مروان بن الحكم وراء أفكار عثمان أو المسير له، فقد مر عليك ما جاء في تاريخ الطبري وغيره: إن عبد الرحمن بن عوف دخل على عثمان فقال له: ألم تصل في هذا المكان (يعني منى) مع رسول الله ركعتين؟
قال: بلى.
قال: أفلم تصل مع أبي بكر ركعتين؟
قال: بلى.
قال: أفلم تصل مع عمر ركعتين؟
قال: بلى.
قال: أفلم تصل شطرا من خلافتك ركعتين؟
قال: بلى.