الرسول - حسب ما حكاه هو - واعتبره سنة، في حين أن ما نقله ينبئ بأن الفعل الثلاثي في الوضوء كان من مختصاته (ص) لقوله: (هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي)، إذ أنه قد بين وضوء المرة وقال عنه: (هذا وضوء لا تقبل الصلاة إلا به)، وعن المرتين: (هذا وضوء من يضاعف له الأجر مرتين)، أما الثالثة فقال عنها: (هي وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي)، أي أنه (ص) كان يعني بأن هذا الفعل - على فرض صحة صدوره عنه - هو مختص به وبالأنبياء وليس حكما عاما للمسلمين، بل وضوء المرتين هو ما يضاعف به الأجر، ويمكن للمسلمين العمل به.
أما عثمان فقد جاء ليعمم هذه الرؤية ويجعلها سنة رسول الله يجب الاقتداء بها وفقا لرأيه.
3 - المعروف عن عثمان أنه كان من المتشددين في الدين ذلك التشدد المنهي عنه، حتى قيل عنه بأنه كان يغتسل كل يوم خمس مرات، وكان لا يرد على سلام المؤمن إذا كان في حالة الوضوء، وقال هو عن نفسه بأنه لا يمد يده إلى ذكره منذ بايع رسول الله، وغيرها من الأخبار المنقولة.
ومن البين أن مثل هذه الحالة النفسية الميالة إلى التزيد والمبالغة في التطهر تجعل صاحبها مهيأ للتزيد في عدد غسلات الوضوء، ولتفضيل الغسل على المسح ما دام يحقق مزيدا من الأنقاء، وقد تفتح هذه الحالة أمامه بابا للإكثار والتزيد لا يكاد يوصد.
4 - أشرنا سابقا إلى أن الثورة على عثمان كانت تستبطن أمرا دينيا، وأن المنتفضين كانوا يطلبون من الخليفة العمل بالكتاب وسنة رسول الله، وأن مواقفهم ضده توحي بأنهم كانوا يشككون في إيمانه، وأن الخليفة جاء ليؤكد لهم على إيمانه ويذكرهم بمواقفه في الإسلام كقوله لهم:
أنشدكم الله هل علمتم أني اشتريت رومة من مالي يستعذب بها، فجعلت رشائي منها كرشاء رجل من المسلمين!