مسألة 8: إذا أحال رجل على رجل بحق له عليه، واختلفا، فقال المحيل:
أنت وكيلي في ذلك، وقال المحتال: إنما أحلتني لأخذ ذلك لنفسي على وجه الحوالة بما لي عليك، واتفقا على أن القدر الذي جرى بينهما من اللفظ أنه قال:
أحلتك عليه بما لي عليه من الحق، وقبل المحتال ذلك، كان القول قول المحيل.
وبه قال المزني، وأكثر أصحاب الشافعي.
وقال ابن سريج: القول قول المحتال.
دليلنا: أنهما قد اتفقا على أن الحق كان للمحيل على المحال عليه، وانتقاله إلى المحتال يحتاج إلى دليل، لأنه ليس في إحالة المحيل بذلك دليل على أنه أقر له به، وأحاله بحق له عليه.
وإن شئت قلت: الأصل بقاء حق المحيل على المحال عليه، وبقاء حق المحتال على المحيل، والمحتال يدعي زوال ذلك، والمحيل ينكره، فكان القول قوله مع يمينه.
مسألة 9: الحوالة عند الشافعي بيع، وليس لأصحابنا في ذلك نص، والذي يقتضيه المذهب أن نقول: أنه عقد قائم بنفسه، لأنه لا دليل على أنه بيع، وليس من ألفاظ البيع، وإلحاقه به قياس لا يجوز عندنا، لبطلان القول بالقياس.
مسألة 10: يجوز الحوالة بما لا مثل له من الثياب والحيوان إذا ثبت في الذمة بالقرض، ويجوز إذا كان في ذمته حيوان وجب عليه بالجناية، مثل أرش الموضحة وغيرها، يصح الحوالة فيها، وكذلك يصح أن يجعلها صداقا لامرأة.
واختلف أصحاب الشافعي فيه:
فقال بعضهم: لا يجوز، وإنما يجوز فيما له مثل.
وقال ابن سريج: يجوز فيما يثبت في الذمة، وهو معلوم، وإذا كان في ذمته حيوان فهل يصح الحوالة بها فيه وجهان.