بالفعل. ولو قال: لا يلزم من اختلاف حالات الشئ ونسبه (4) انقسامه، لم يكن واردا وكان تخلصا بالعبارة التي لا تثمر.
قوله: هما متصلان، فلا يتحقق الانقسام، قلنا: إن عنيت بالاتصال التماس الالتحامي على وجه يقصر الحس عن إدراك المفاصل وإن كان لكل واحد منها نهاية غير نهاية الآخر فهو مسلم، وهذا هو التماس الذي يتحقق معه الانقسام.
وإن عنيت به شيئا يصير به الجسمان واحدا فذاك غير محصل.
أما أولا فلأن الانقسام يتحقق مع الاتصال كما لو قام بالمتصل عرضان متضادان وإذا صح اجتماع الاتصال مع الانقسام بالفعل لم يكن رافعا له.
وأما ثانيا فلأن المتصلين كانا اثنين، فلو صارا واحدا لكانا مع ذلك إما أن يبقيا على حقيقتهما، بمعنى أن مادتهما المعينة وصورتهما الجسمية المعينة باقيتان فهما اثنان لا واحد، وإن لم يبقيا فحينئذ يلزم عدم ذينك الجسمين ووجود جسم غيرهما، لكن هذا يأباه العقل والحس، لأنا نعلم عند التقاء الماءين أن عين كل واحد منهما باقية على حالها، ولم تتجدد إلا الملاقاة بينهما. نعم قد يطلق عليهما اسم الواحد بحسب الاجتماع، كما يقال: إنسان واحد.
ثم يلزم على قولهم أن يعدم البحر بشرب العصفور منه، وأن يحدث بحر بزيادة قطرة على الأول، ولا يلتزم هذا ذو تحصيل.
والرجوع بعد ذلك في دفع هذا الإيراد إلى ما يألفونه من الاصطلاحات اللفظية لا يكفي المنصف.
وأما استحالة الانقسام إلى غير النهاية بالفعل، فلأنه يلزم منه استحالة قطع المسافة اليسيرة بالزمان المتطاول، لأن قطعها عبارة عن محاذاة كل جزء منها