قد يتوقف على أسباب وشروط، وربما كان الدعاء أو السعي والكسب من جملتها بحيث لم يقدر حصوله الا بها، بخلاف تلك الأربعة الأولى، فإنه ليس للانسان في ذلك قصد ولا تعمل، بل نتيجة قضاء الله وقدره بموجب علمه السابق الثابت أزلا وابدا بمقتضى تعلقه بالمعلوم، فهذا هو الفرق بين حكمي الاستعداد الكلى والجزني.
1050 - 4 ثم نقول: هذا كله ما لم يكمل الانسان، فإذا كمل فله في الدعاء وغيره ميزان يختص به وأمور ينفرد بها دون مشارك، وذلك ما أشار إليه الشيخ قدس سره في النصوص بقوله: واما الكمل والافراد فان توجههم إلى الحق تابع للتجلي الذاتي الحاصل لهم والموقوف تحققهم بمقام الكمال على الفوز به، وانه يثمر لهم معرفة تامة جامعة لحيثيات جميع الأسماء والصفات والمراتب والاعتبارات مع صحة تصور الحق من حيث التجلي الذاتي الحاصل لهم بالشهود الأتم، فلهذا لا تتأخر عنهم الإجابة، وأيضا فإنهم أهل الاطلاع على اللوح المحفوظ بل وعلى المقام القلمي بل وعلى الحضرة العلم الإلهي، فيشعرون بالمقدر كونه لسبق العلم بوقوعه ولا بد، فلا يسألون في مستحيل غير مقدر الوجود ولا ينبعث هممهم إلى طلب ذلك ولا الإرادة له، وانما قلت ولا الإرادة له، من أجل ان ثمة من يتوقف وقوع الأشياء على ارادته وان لم يدع في حصوله.
1051 - 4 وقد عاينت ذلك من شيخنا رضي الله عنه سنين كثيرة في أمور لا أحصيها وأخبرني رضي الله عنه انه رأى النبي صلى الله عليه وآله في بعض وقائعه وانه بشره وقال:
الله أسرع إليك بالإجابة منك إليه بالدعاء، وهذا المقام فوق مقام المطاوعة، فان المطاوعة المبادرة إلى امتثال الأوامر وتتبع مراضي الحق والقيام بحقوقه بقدر الاستطاعة كما أشار إليه صلى الله عليه وآله في جواب عمه أبى طالب - حين قال له: ما أسرع ربك إلى هواك يا محمد - فقال: وأنت يا عم ان أطعته أطاعك.
1052 - 4 اما مقام كمال المطاوعة فراجع إلى كمال مواتاة العبد من حيث حقيقته لما