ومن لم يذق هذا المشهد لم يعرف سر قوله تعالى: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى (17 - انفال) ولا سر قوله تعالى: ان الذين يبايعونك... الآية (10 - الفتح) ولا سر قوله صلى الله عليه وآله: ان الله قال على لسان عبده: سمع الله لمن حمده، ولا سر قوله تعالى: كنت سمعه وبصره... الحديث، ولا سر قوله الذي دون هذه كله: قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم (14 - التوبة) ولا يعرف من أي وجه يصح نسبة الافعال إلى الحق من حيث أصالتها ومن حيث أحدية جمعها، ومن أي وجه يصح نسبتها إليه - وان تعددت - هذا ما قاله قدس سره.
المقدمة الثالثة 368 - 3 ان الوحدة تنقسم من وجه اخر إلى الحقيقية والعددية:
369 - 3 فالحقيقية ما لا يتوقف على مقابلة كثرة - تعقلا ووجودا - وهى اما ذاتية أو نسبية، فالذاتية وهى الأحدية ما أشار إليه الشيخ قدس سره في التفسير بقوله: كون الواحد واحدا لنفسه فحسب، من غير تعقل ان الوحدة صفة له أو حكم، بل كونه هو لنفسه هو، وليس بين غيب الهوية وهذا التعين فرق غير نفس التعين. هذه عبارته. فالمراد به الذاتية اعتبرت في الحق أو بعد سريانها في غيره (1)، اما لأنها عين الذات أو مقتضى نفس الذات أو لاحقة لا بواسطة نحو العدد.
370 - 3 واما النسبية وهى وحدة النسب أو الاحكام لكن بنسبتها إلى الذات لا باعتبار مفهوماتها (2) كما مر، فيتناول الوصفية والفعلية، فهي ما أشار إليها الشيخ قدس سره فيه بقوله: والحكم الاخر للواحد كونه يعلم نفسه بنفسه ويعلم وحدته ومرتبته وعلمه بذلك، وكون الوحدة نسبة وصفة، فهذه النسبة حكم الواحد من حيث نسبه، ومنها انبثت الكثرة، ومن هنا نسبة التعلق للحق بالعالم ونسبة الغنى عنه من حيث الأولى (3).