عن العفص والزاج الغير المحسوس سوادهما، والعامل في ظهور الكل الوجود المشروط في تعينه الحقيقة والمرتبة المخصوصتان. فليتأمل، غير أن ثبوت اشتراك الوجود بالبرهان النير كما مر يدفع الأول، فلذا قالوا: تأثير الحق اعطائه تعالى للحقائق الكونية ما به وحدتها، بإضافة تعين منه إليها واظهار احكامها بذلك القدر المضاف في كل مرتبة بحسبها، فجميع الموجودات الكونية صور النسب العلمية التي هي صور النسب الأسمائية.
445 - 3 فان قلت: فحاصله كما مر تأثير الحقائق والمراتب في الوجود بالتعين، كما اثر هو في اظهاره، فالحيرة باقية، لأنه اثر المعدوم في الوجود.
446 - 3 قلت: لا يخلو الكلام من نحو مسامحة، فان المراد تأثير الحقائق في نسبة الوجود بالتعين لا في نفسه، لما نقلناه مرارا عن تصانيف الشيخ قدس سره: ان الحق في كل متعين حال الحكم عليه باحكام التعين غير متعين في ذاته، ففيه أعم توضيح وأتم تصحيح ان ذات الحق لم يؤثر فيه شئ، بل التأثير من شؤونه في تحصيل نسبه ليس الا وكلاهما عدميان، والله أعلم.
المقام السادس في أن هذا الوجود العام نسبته إلى العقل الأول وجميع المخلوقات على السوية 447 - 3 لا كما قال أهل النظر من الفلاسفة ان العقل هو المتوسط في وجود سائر المخلوقات، إذ ليس في الوجود الا الحق سبحانه والعالم الذي من جملته العقل الأول - والعالم بجميع اجزائه أو جزئياته - ليس بشئ زائد على حقائق معلومة لله تعالى، معدومة أولا، متصفة بالوجود ثانيا، فالعقل الأول أيضا معدوم في نفسه محتاج إلى الوجود المفاض، فهو متوسط بين الحق وبينه، كما أن غيره كذلك، وذلك لان الحقائق غير مجعولة عند المحققين من أهل الكشف والنظر لوجهين ذكرهما الشيخ قدس سره:
448 - 3 الوجه الأول: انها لو كانت مجعولة في الأزل، أي موجودة بوجود خارجي لكان للعلم القديم في تعين معلوماته في الخارج اثر، وذا لا يكون، فان شأن العلم من حيث