المقام الأول في الإشارة إلى تصور وجود الحق وهليته 261 - 3 وهو: ان الحق هو الوجود المحض الذي لا اختلاف فيه، أي وجود الحق هو الوجود المحض وهو الذي فسره الشيخ قدس سره في هذا الفصل في الاعتبار السابق على اعتبار مبدئيته فقال: وهو كونه وجودا فحسب بحيث لا يعتبر فيه كثرة ولا تركب ولا صفة ولا نعت ولا اسم ولا رسم ولا نسبة ولا حكم، بل وجود بحت.
262 - 3 فأقول: معنى الوجود البحت، الوجود المطلق، أعني ما لا يعتبر فيه قيد أصلا وان احتمل ان يؤخذ مع القيود وعدمها، وهو المأخوذ بلا شرط، لا ما قيد بالاطلاق، أعني المجرد عن القيود المأخوذ بشرط، لان المحض هو الخالص من كل شئ وهذا الوجود خالص من كل اعتبار وقيد.
263 - 3 اما قولنا: لا اختلاف فيه: فاما إشارة إلى هذا التفسير بمعنى لا قيد فيه أصلا، إذ القيود منبع الاختلاف ومستلزمها، فحيث لا لازم - وهو الاختلاف - فلا ملزوم - وهو القيد - فعلى هذا يكون صفة كاشفة لاطلاقه التام حتى عن قيد الاطلاق. واما إشارة إلى هليته، إذ قيل معناه لا اختلاف في ثبوته، وذلك لان في الوجود موجود، أو في ثبوته ثبوت مطلق الوجود، أو لا اختلاف في وجوده، أي من حيث الحقيقة - وان اختلف فيه من حيث الظاهر - 264 - 3 وذلك لان القوم بين محقق قائل بان الوجود موجود بوجود هو عينه، وسنبرهن عليه بوجوه، وبين أهل نظر قائل بان حقيقة الحق وجوده الخاص وهى موجودة - فكذا هو - ومتى وجد المقيد وجد المطلق المحمول عليه بهو هو. فقولهم بان المطلق معقول ثان خطأ فاحش، تعالى الله عما لا يليق به، وبين متكلم قائل بان الوجود عين كل موجود - كابى الحسن الأشعري وأبى الحسين البصري - فذلك كما مر (1)، أو صفة زائدة في الكل،