ذلك الحال والمؤثر في الاعتبار باطنه والمتأثر ظاهره، وفي الحقيقة كلاهما ذاته لكن بنسبتي الظهور والبطون المتحققين بالنسبة إلى مداركنا لا في الواقع، وعرفت لمن يصح نسبة الأثر إليه ومتى يصح ومن أي وجه يمكن ومن ايه لا، فللمظاهر يصح من حيث بواطنها، وللبواطن من حيث إنها أحوال بالذات وللذات من حيث الظهور، وعرفت سر قول من قال: إن الحق قادر بالذات لأنه المؤثر في الحقيقة، وان قدرته عين ذاته، لأنها نسبة لا وجود لها، وسر قول من زعم أن القدرة غير وصفة زائدة في الوجود، زعما ان التميز في الحقيقة هو التميز في الوجود للجمود على الظاهر، وسر قول من أثبت الافعال للعباد، فذلك من حيث الصورة ولتعينها بحسبهم، ومن نفاها عنهم وذلك من حيث الحقيقة.
208 - 5 فترى حينئذ إصابة كل طائفة من وجه مع رؤيتك انه قد فاتها جلية الامر ومعرفة سببه، وتعرف عذر أصحاب الشهود الحالي النافين للتعدد، لان نظرهم انه هو الوجود في الحقيقة ليس الا وعذر المحجوبين المثبتين للتعدد، إذ ليس في وسع مداركهم الا ضبط الكثرة الوجودية بالوجه الاخر من حقيقتهم، وتشعر ما خص الله تعالى به المتمكنين الموافقين لكل فرقة فيما أصابت فيه، لجمعهم بين وجهي الحقيقة، مع امتيازهم عنها بنيل ما ذات الجميع - وان ثبتت الحجة البالغة لله تعالى في كل من الطوائف الثلاث وغيرهم - وذلك لان الحاصل لكل فريق ما وسعه استعدادهم ومعرفة اعذارهم من أن التفاوت في استعداداتهم انما هو من القسمة الإلهية الأزلية بالفيض الا قدس الذي قبل من قبل لا لعلة، ورد من رد لا لعلة، كما قال تعالى: نحن قسمنا بينهم معيشتهم... الآية (32 - الزخرف).
السؤال الرابع عشر كيف يعرف تقابل النسختين بالذوقين؟
209 - 5 أي تقابل نسخة آدم ونسخة العالم حتى صار الأولى نموذج ما في الثانية التي هي تفصيل النسخة الإلهية، أي الصور المفصلة لجميع الأسماء الإلهية الذاتية والوصفية