يكون الإجابة إليه في عين ما سأل أسرع، والأتم مراقبة لأوامر الحق تعالى ومبادرة إليها بكمال المطاوعة يكون مطاوعة الحق له أتم، ولهذا كان أكثر أدعية الأكابر مستجابة وإليه الإشارة بقوله: ادعوني استجب لكم (60 - غافر) 1030 - 4 اما عديم المعرفة، السيئ التصور، فليس بداع للحق الذي ضمن له الإجابة، وانما هو متوجه إلى الصورة المتشخصة في ذهنه الناتجة من نظره أو خياله أو حال غيره ونظره أو متحصلة من المجموع، فلهذا يحرم أو يتأخر عنه، ومتى أجيب مثل هذا فإنما سبب ذلك سر المعية الإلهية أو الجمعية التامة الحاصلة للمضطرين، الموعود لهم بالإجابة للاستعداد الحاصل بالاضطرار، وذو التصور الصحيح يستحضر الحق فيتوجه إليه استحضارا وتوجها محققا - وان لم يكن ذلك من جميع الوجوه - بل يكفي كونه مستحضرا له في بعض المراتب ومن حيثية بعض الأسماء والصفات، وهذا حال المتوسطين من أهل الله، وذلك حال المحجوبين. هذا كلامه وسننقل حال توجه الكاملين في موضعه.
1031 - 4 وقال قدس سره في التفسير: ولصحة التصور وجودة الاستحضار اثر عظيم في الإجابة، اعتبره النبي صلى الله عليه وآله وحرض عليه عليا عليه السلام لما علمه الدعاء، وفيه: اللهم اهدني وسددني، فقال له: واذكر بهدايتك هداية الطريق وبالسداد سداد السهم، فامره باستحضار هذين الامرين حال الدعاء.
1032 - 4 فمن تصور المنادى المسؤول منه تصورا صحيحا عن روية وعلم سابقين أو حاضرين حال الدعاء ودعاه - سيما بعد امره له بالدعاء والتزامه الإجابة - فإنه يجيبه لا محالة، ومن زعم أنه يقصد مناداة زيد وهو يستحضر غيره ثم لم يجد الإجابة لا يلومن الا نفسه، لكن سؤاله قد يثمر بشفاعة حسن ظنه بربه وشفاعة المعية الإلهية وحيطته، فالمتوجه بالخطأ مصيب من وجه، فهو كالمجتهد المخطئ مأجور غير محروم بالكلية. تم كلامه.