الأصل السادس عشر في ظهور المولدات بالاستحالات إلى أن ينتهى نزول الامر الإلهي إلى الانسان الكامل فينعطف به إلى الأصل الشامل 738 - 4 قال الشيخ الكبير رضي الله عنه في عقلة المستوفز: لما كملت الأفلاك والأركان ودارت الأحد عشر فلكا وهى الاباء العلويات، أعطت الحركات في الأركان القوابل الحوامل وهى الأمهات السفليات الحرارة، فسخن العالم وتوجه العقل والنفس اللذان هما القلم واللوح، وتوجه العنصر الأعظم الشريف الذي هو لكرة العالم كالنقطة والقلم كالمحيط - واللوح ما بينهما - وكما أن النقطة تقابل المحيط بذاتها على وحدتها، كذلك هذا العنصر مقابل بذاته جميع وجوه العقل وهى رقائقه، فللعنصر وجه واحد وله التفاتة واحدة، ولهذا كان أشد تحققا بتوحيد خالقه من العقل وأقوى نسبة، وإلى العنصر والعقل الإشارة قوله تعالى: لا كلوا من فوقهم - أي: المواهب والاسرار التي بيد القلم - ومن تحت أرجلهم (66 - المائدة) أي: لطائف العنصر الأعظم المستمدة منه وهو من الله تعالى بذاته.
739 - 4 ولما تسخن العالم ابتدأت الاستحالات في الأركان التي يقع بها التناسل وجعل الاستحالة على حسب ما نظمها العزيز العليم، ومن أعجب صنعه ان جعل أول الأكر - وهى الأرض - وآخر الدوائر السماوية - وهى السابعة - على طبيعة واحدة هي البرودة واليبوسة، وجعل بين الأركان منافرة، اما من كل وجه فلم يتجاورا، كالنار والماء، بل جعل بينهما واسطة تناسب كل منهما من وجه، فاجرى الاستحالة بينهما (1) على ما هو المشهور، وكل ما جوز حده (2) انتقل إلى ضده، والاستحالة بين المنافرين من كل وجه لم يذكروها وهى واقعة نادرة.