الحق سبحانه، وإن كان من العارف المذكور فلا بد له عند شهوده كل ما يشهده من صور الموجودات، لتيقنه بالكشف، ان جميعها مظاهر ومجال للحق سبحانه ان يصير حاضرا في ذلك الحال ومستحضرا للحقيقة الإلهية الغيبية التي يستند إليها جميع ما ظهر - مع استصحاب هذا القيد المتجدد - فهذا أيضا عمل لازم لعلمه ذلك.
1078 - 4 والثالث: وهو العلم بذات الله سبحانه، لكن بحيث ما تعطيه القوة النظرية، فلا يخلو هذا العلم من أن يفيد للعالم حكما سلبيا كالصفات الجلالية، أو ايجابيا كالجمالية، وأيا ما كان فلا بد له من توجه نحو الحق أو عبادة له أو حضور معه أو استحضار توجها مخالفا لما كان له قبل تجليه بهذا العلم. وكذا حضوره وغيره مما ذكر، وذلك لان إفادة العلم إياه سلب ما كان يعتقد ثبوته قبله أو بالعكس، فينصبغ توجهه بحكم هذين القيدين السلب والايجاب، وهكذا الامر في كل مسألة تحصل له من العلم بالله لا يخلو فيها عن سلب أو ايجاب لم يكن قبله.
1079 - 4 والرابع: وهو العلم المستفاد جديدا بما سوى الحق، سواء لم يتعلق ذلك العلم بالمستفيد أصلا أو تعلق به ولم يتعده أو تعدى، فإنه لا بد له من مباشرته أو النظر فيه بالفكر وفي اعتباره صريحا معينا أو ضمنا مجملا من أن يصحبه حكم متجدد من سلب لما ظن ثبوته أو ايجاب لما لم يعلم ثبوته من قبل أو ايضاح في ثبوت الثابت، كتكثير الأدلة في ثبوته حيث يجعل الثقة به أكثر للعلم بثبوته بالدليل الثاني، ولو لم يثبت بالأول وهكذا بالثالث و الرابع وغيرهما، وكل ما ذكر حكم طار ينصبغ به توجهه واعتقاده ومعاملته بمباشرة ظاهرة وبدونها.
1080 - 4 ثم نقول: ولما تقرر ان كل علم يستلزم عملا أعم ان يكون ذلك العمل اللازم غايته ومطلوبا منه أو لا يكون.
1081 - 4 ناسب لتحقيق المقام ان توضح سر العلم الذي غايته العمل، والذي ليس كذلك ويستدعى ذلك مقدمة للتنبيه على مسمى الغاية: فغاية كل شئ منتهاه من