مصيبا في حكمه، ولهذا يفتقر إلى الحضور الذي هو ملاك الامر بعد معرفة ما يحضر معه من المعلومات والمشهودات، متيقنا ان الحضور مع المجموع، وكذا الغفلة عن المجموع غير ممكن، فيتعين حكمها بحسب ما يعينه العلم الوقتي و الحالي والموطني والمزاجي والمرتبي، إذا ترجح شئ منها على موجب الغفلة، ففي كل حال حضور من وجه وغفلة من آخر، فكل حاضر غائب وبالعكس.
974 - 4 ثم الحضور عبارة عن استجلاء المعقولات والاشتمال على المحسوسات بجمعية الآثار الحاصلة من العلم والشهود في صاحبها بحسب الرابطة التي بينه وبينها، ومن ثمراته تميز احكام ظاهر الشريعة عن احكام باطن الطريقة واحكام مطلع الحقيقة واحكام الأحدية التي هي ما بعد المطلع، كل في مرتبته ولأهله لمن ساعده فضل الله العظيم.
الفصل الخامس من فصول الباب يتضمن ضابطا عزيزا عام الفائدة للمبتدى والمنتهى 975 - 4 في بيان البراءة عن التخليط المذكور والتنبيه على الحضور في الحقائق، مع ما يختص بالرتبة الإلهية وما ينضاف إلى الرتبة الكونية، محصلة مع ما سبق نقله غير مرة:
ان لكل أحد بل كل موجود نسبة ذاتية إلى الرتبة الإلهية ونسبة كونية من حيث إنه سوى وعالم، وكذا لكل أمر يصدر منه بكسبه أو يرد عليه بلا كسبه تلك النسبتان، فينبغي لكل أحد ان يحضر مع ما يختص بكل من المرتبتين في نفسه وفيما يصدر منه أو يرد عليه ويخلص نسبته إلى تلك المرتبة، ولا يعمل اسناد حكم إلى مرتبة بتحكمه بحيث يسرى اثره في الخارج ويعمل بموجب اسناده التعملي، بل لا بد ان يحذر من التعمل مطلقا في كل أمر وحال وشر وخير، اللهم الا من حيث مرتبتي الشرع والطبع وبلسانهما ويديهما، فله التعمل من حيثيتهما، لكن مع عدم غيبته عما تحققه من نسبة الأصلية إلى المرتبة الإلهية الأحدية، والا فلا فرق بين هذا السالك أو العارف وبين العالم بظاهر الشريعة في زعمه.