التوجه المذكور تابعة للتصور، فالأصح تصورا للحق يكون ادعيته مستجابة، وصحة التصور تابعة للعلم المحقق والشهود الصحيح كما قال عليه وآله السلام: لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال، وهؤلاء هم الموعودون بالإجابة في قوله تعالى: ادعوني استجب لكم (60 - غافر) إذ من لم يعرف لم يدع الحق، فلا يستجيب له، تم كلامه.
986 - 4 ومتى أيدك الله سبحانه بالهام الاحتراز مما ذكر ليتحقق أحدية التوجه المذكور مع اتقان الأصول السالفة المحققة لأحدية المتوجه إليه علما ذوقيا محققا، لا نظريا من وراء حجاب النظر أو تقليديا مشتبها، سلمت من التخليط والتشتيت واسلم الشيطان على يدك بعجزه عن صرفك عن جهة الواحد الاحد، وأفضى بك الحال والامر إلى أن تأخذ جميع ما يرد عليك من معدنه وعلى وجه وروده من أي مرتبة يرد وعلى يد من يرد من المظاهر المتوسطة أو تجلى الوجه الخاص الذي لا واسطة فيه ولا تعين له.
987 - 4 اما المظاهر سواء كانت شروطا لتمام استعداد القابل لقبول اثر الحق سبحانه كما هو عندنا، أو واسطة في ايصال اثره كما عند أهل النظر، ولذلك لم يعرفوا اثر الوجه الخاص، فاما من نفس التوجه - وذلك هو الامر المنبعث منه العائد اثره عليه على غير وجه الانبعاث وإليه ينظر قوله تعالى: ولا يحيق المكر السيئ الا باهله (43 - فاطر) - واما من غيره، وذلك الغير إن كان من حضرة المعاني فهو الاسم الملحوظ المتعين من أسماء الله تعالى، وإن كان من حضرة الأرواح فهو الحقيقية الملكوتية، فالخير المحض الملك والشرير المحض الشيطان، والمتردد بينهما الجن، وإن كان من حضرة المثال فالحقيقة الممثلة وإن كان من الخيال المقيد فالحقيقة المتمثلة فقد يؤثر التخيل ما لا يؤثر التعقل، علم ذلك في إشارات ابن سينا.
988 - 4 وإن كان من عالم الحس: فاما البشر أو غيره، والبشر اما نفسه - سواء كان متروحنا كالخضر وعيسى عليهما السلام أو غير متروحن - واما قوة توجهه، وهى الهمة المرسلة على ما قيل: همة الرجال تقلع الجبال، والهمة لغة نوع من القصد، واصطلاحا