998 - 4 الثانية: ان المحبة مطلقا لا تتعلق بموجود، لاستحالة طلب الحاصل، بل بمعدوم عند الطالب حال الطلب في زعمه، وإن كان موجودا في نفسه وبالنسبة إلى غيره، فلا يصح ان يكون ذات الحق مطلوبا ولا محبوبا الا للانسان الكامل أو الندر من الافراد المشاركين للكمل في هذا الذوق، وذلك لان مطلق الوجود حاصل لكل موجود في زعمه بديهي علمه بذلك الحصول فلا يطلبه، اما الانسان الكامل أو المشارك له في ذلك الذوق انما يطلبه بملاحظة مرتبته الاطلاقية الكمالية أو الأكملية، وذلك غير حاصل، وإن كان مطلق الوجود حاصلا، فمطلق الشئ غير ذلك الشئ من حيث ملاحظة اطلاقه وملاحظة الاطلاق، وطلبه لا يتصور الا من المؤهل له، فاما من سوى الكامل ومشاركيه فمتعلق محبته ليس ذات الحق بل ما من الحق وهو غير حاصل، كشهوده أو دوام شهوده أو القرب منه أو المعرفة أو ما فيه سعادة دينية أو دنيوية من الأحوال والمقامات والاغراض والمراتب المقيدة، وحاصله نيل ما يلائم الروح، كالمعرفة والشهود أو المزاج أو المجموع حصولا أو تماما أو دواما، أو إزالة ما لا يلائم على ذلك التفصيل وهو موجود، فازالته غير حاصلة، ويسمى هذه المقاصد الكمالات النسبية.
999 - 4 وقال قدس سره في النفحات: من المحال في مشرب التحقيق ان يحب شئ ما سواه من حيث ما يغايره، كما يتوهمه المحجوبون من أن الحق يحب عباده أو ان فيهم من يحبه من حيث مغايرتهم إياه بما يفهمونه من قوله: يحبهم ويحبونه (54 - المائدة) و: يحب الصابرين (146 - آل عمران) و: يحب المحسنين (195 - البقرة) لكن ذلك بموجب حكم معنى مشترك بينهما من حيث ذلك المعنى تثبت مناسبة تقضى بغلبة حكم ما به الاتحاد على حكم ما به الامتياز والمباينة، فبحكم العلم أو الشعور بتلك المناسبة يطلب العالم أو الشاعر رفع احكام المباينة بالكلية وظهور سلطنة ما به الاتحاد، ليصح الوصلة التامة ويظهر سلطنة الواحد الاحد، فلا جائز ان يحب الحق الخلق أو بالعكس. وانما ثمة اسرار اخر ذاتية وصفاتية وفعلية وحالية ومرتبية من حيث هي تثبت المناسبة فيحصل المحبة، غير ذلك لا يجوز. هذا كلامه.