مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ٥٥٩
ان المحبة التي هي حقيقة طلبية وحدانية يشترك حكمها بين الرتبة الإلهية والكونية لمناسبة ثابتة بين الحق والخلق، فيصح نسبتها إلى الحق من وجه وإلى الخلق كذلك بموجب تلك المناسبة التي سنزيد في بيانها إن شاء الله تعالى، وأسبابها متعددة:
1005 - 4 منها: صفات المتحابين واتحادهما من جهتها - وان تفاوت حظوظهما -. منها:
لاستحالة ظهور حكم صفة ما في محلين على وجه واحد، بل لا بد من التفاوت، لتفاوت استعدادات الماهيات الغير المجعولة المقتضية لقبول الوجود الواحد على الأنحاء المختلفة بصور حصص متنوعة، ولهذا تعذر وجدان المثلية بين أمرين من جميع الوجوه ولم يتكرر التجلي.
1006 - 4 فان قلت: الوحدة صفة ذاتية للحق والكثرة صفة ذاتية للعالم، فهو متقابلان صفة - لا متناسبان - 1007 - 4 قلت: لكن قد مر ان الحق: ان للوحدة كثرة نسبية من حيث ما يتعقل ان الواحد نصف الاثنين وثلث الثلاثة وهلم جرا، وانها أمور اعتبارية لا توجب كثرة في الذات، وهكذا يجب ان يتعقل جميع الصفات الإلهية، وللكثرة وحدة تخصها وهى وحدة معقولية الجملة من حيث هي جملة وكلية، فمتى علم أحدهما بالآخر أو تعقل بينهما ارتباط فبموجب حكم القدر المشترك، فما علم هذا بذاك الا بما فيه منه، كذا قال الشيخ قدس سره.
1008 - 4 وقال فيه أيضا: وقد يكون المحبة بين اثنين نتيجة اشتراك ومناسبة في بعض الأحوال أو الافعال أو في المرتبة، كالاشتراك في النبوة والولاية والخلافة وفي العلم الذاتي بالله أو بشئ آخر، والعلم عندنا قد يكون ذاتيا فلا يعد صفة.
1009 - 4 وقال فيه: التحقيق في كشف سر محبة المحبوب المحب ومحبة المحب المحبوب: ان المحبوب انما أحب المحب لكونه سببا لاستجلاء كماله فيه ومحلا (1) لنفوذ سلطنة جماله، فالمحب مرآة المحبوب يستجلى فيها محاسن نفسه المستجنة في وحدته (2)، لان القرب المفرط والتوحد كانا يحجبانه عن ذلك، فإذا استجلاها (3) في الاخر لحصول ضرب

(1) - عطف على سببا - ش (2) - قبل تعين المجلى - ش (3) - نفسه في المجلى - ش
(٥٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 554 555 556 557 558 559 560 561 562 563 564 ... » »»
الفهرست