رأى في أحواله صورة الدعاء مع المنع ولا يقدر على التوقف والدفع، لما مر انه يعلم أنه لا محيص له عنه وان الكشف يمنعه ان لا يسأل.
1026 - 4 ثم إبقاء أسباب الرد عليه لامرين: أحدهما سر الاقتداء بربه من حيث لا يظهر بكل وجه في كل محل، كما لا يظهر بوجه الا في محله القابل وهو سر جمع الحقيقة الجامعة للقبول والمنع بحسب المظاهر، كما حقق في التفسير: ان لحوق الآلام وغيرها مما لا يلائم للكمل لظهورهم بمقام الجمع، وثانيهما سر خفض العبودية ورفع الربوبية، فان ذلك مقتضى جهة الامكان الثابتة ولا بد ان يظهر في الكامل لكل من الجهتين حكم واثر.
1027 - 4 الا ترى في المقام المحمدي الأكمل وميزانه الأتم الأعدل سر ما أشير إليه وعنوانه حيث قال: ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم (9 - الأحقاف) مع أنه كان على بصيرة من ربه؟ وقال: أنتم اعلم بأمور دنياكم، مع أنه أخبر عن طلائع المهدى الآتية بعد ست مائة ونيف وقد مر أمثاله، هذا كله إذا قدر للداعي شهود حقيقته.
1028 - 4 اما إن كان وقت الداعي يقتضى التعبد بحكم مقام خاص ومرتبة معينة وذلك هو الأغلب حكما، فان طلبه ذلك يكون بحسب تلك المرتبة أو الحال أو النشأة أو غيرها من المقيدات التي هي شروط بحسب كلها أو بعضها، ثم هذا كله إذا كان طلبه ذاك من حيث يعلمه ويشعر به، اما من حيث ذاته ونشأته الجامعة فإنه في كل نفس من أنفاسه طالب لكل ما حوته نشأته من الحقائق حال الطلب من الحق سبحانه ما به بقاء ظهور احكام تلك الحقائق وما به ظهور الحق سبحانه من حيثها وما به وفيه حصول كمال تلك الحقائق من لوازم ما مر من المقيدات.
1029 - 4 الرابع التوجه الذي به الطلب، فاما ان يكون احديا مشتملا على صحة التصور وكمال المتابعة أولا، فكما قال في النصوص: الأصح معرفة بالحق وتصورا له