مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ٥٤٣
لا ذات لشئ الا ذات الحق والباقي أحواله، وكقوله: كل فعل وإن كان اختياريا فمسند إلى الحق بلا واسطة، فيكون واقعا بايجاده وقدرته واراداته المخصصة لاحد المقدورين، ولا شك انه كقولنا: كل حكم مظهري يلحق الحق، مع أنه حال ما لحقه حكم التعين غير معين في نفسه، وكقوله: بعدم تأثير قدرة العبد أصلا في أفعاله الاختيارية، فإنه كقولنا: احكام الامكان آثار احكام الوجوب وهو معنى قولنا: لا حول ولا قوة الا بالله، غير أن المحقق لا يقطع نسبة الأفعال الاختيارية عن المظاهر بالكلية - كما سيتضح عن قريب إن شاء الله تعالى - 948 - 4 واما النتائج والثمرات: فمجملها ما أشار إليه الشيخ الكبير رضي الله عنه في ديباجة الفتوحات حيث قال: احمده حمد من علم أنه سبحانه علا في صفاته وعلى، وجل في ذاته وجلى، وان حجاب العزة دون سبحانه مسدل، وباب الوقوف على معرفة ذاته مقفل، ان خاطب عبده فهو المستمع السميع، وان فعل ما أمر بفعله فهو المطاع المطيع، ولما حيرتني هذه الحقيقة أنشدت على حكم الطريقة للخليقة:
الرب حق والعبد حق * * يا ليت شعري من المكلف؟
ان قلت عبد، فذاك ميت * * أو قلت رب انى يكلف؟
949 - 4 فهو سبحانه يطبع نفسه إذا شاء بخلقه ويتصف نفسه مما تعين عليه من واجب حقه، فليس الا أشباح خالية على عروشها خاوية، وفي ترجيح الصدى سر ما أشرنا إليه لمن اهتدى.
950 - 4 هذا كلامه، غير أنه مبنى على النظر في الوجود (1) بعين الأحدية وإلى الوجه الخاص والحقيقة الجامعة الواحدة بالوحدة الحقيقية التي هي عين كل كثرة ووحدة تقابلها، كما يقتضى بواحديتها اعتبار وجه الوسائط من المظاهر الأسمائية والمراتب الوجودية باحكامها.

(1) - واعلم أن بناء هذه الأصول على هذا النظر - ش
(٥٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 538 539 540 541 542 543 544 545 546 547 548 ... » »»
الفهرست