966 - 4 الثالث: ان لا يتشوق لتحصيل مطلب معين شريف بالنسبة أو غير شريف بالنسبة ولا يتعمل لحصوله، ففي التعمل دعوى المكنة لنفسه وينافيه رؤية الأحدية والوجه الخاص، الا ان عينه الوقت، أي عينه الوارد الإلهي بحسب الأمور المذكورة بعد، والاستثناء منقطع، بمعنى لكن، لو عين ذلك المطلب وقته كوقت النوم لطلب مبيت ما أو حاله كارادة التوضئ لطلب ماء ليصلح له أو الجوع لما يسد به جوعته أو مزاجه كمعالجة ما ولو بأكل وشرب أو استراحة أو موطنه، فان شأن المساجد ان يطلب فيها العبادات لا المبايعات، أو مرتبته التي أقيم فيها، كطلب رتبة المرشدية ما به اصلاح حال المريدين، وبهذا المعنى يكون الصوفي ابن وقته - وإن كان الكامل أبا وقته - وهذا - أعني العمل بما عينه الوارد الإلهي - مرتبة قرب النوافل على ما قال: فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش، وإن كان عند أهل الظاهر محمولا على أن يكون الملحوظ في كل فعل من أفعاله جنب الله تعالى، كما ذكره القاضي عياض في الشفاء: أي جهة من جهات العبادة وإن كان في المباحات كالاكل بنية القوة على الطاعة، والنكاح بنية غض البصر وتكثير العابدين، والخروج عن البيت بنية نظر العبرة أو بنية الامر بالمعروف والنهى عن المنكر أو بنية طلب ما به يتمكن من الطاعة والعود إلى البيت بنية صلة الرحم أو الانزواء للطاعة ونحوها.
967 - 4 الرابع: ان لا ينفعل بكليته لأمر معين، بل لو انفعل فببعض الوجوه لبعض الوقائع، إذ لعل ذلك الامر لا يتسبب لذلك أو يعرض ما يدفعه، أو لان نظر الأحدية يجعله من نفسه لنفسه لا من غيره، وهذا أولي وأليق.
968 - 4 الخامس: ان لا يرى في الكون تفاوتا لا في نفسه ولا فيما خرج عنه، إذ لا تفاوت في مقتضى الحقيقة الواحدة من حيث هو مقتضاها، أو لان التفاوت من التعددات المستهلكة في نظره، بل يرى نسبة جميع الصور الواقعة إلى الذات الأحدية كنسبة أعضاء زيد إلى حقيقته المعينة.
969 - 4 السادس: ان لا يحكم على المراتب بأنها موجودة محققة، بل نسبية لا عبرة بها، لذا قلنا: نخاف من صاحب هذا الذوق ترك تعظيم المراتب ولا يحكم على الوجود بان مرتبته