ذلك. فإذا اختارت الأمة فلا يستبعد أن يقع اختيارها على إمام ضلالة من الأئمة الذين خاف النبي على أمته منهم. فقد قال صلى الله عليه وسلم: " إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين " (1)، إن لفظ " إمام " في الحديث يدل أن شروطا عدة قد انطبقت عليه في قبيلة أو حزب أو غير ذلك... أو يقع اختيارها على منافق عليم خاف النبي على أمته منه، قال صلى الله عليه وسلم: " أخوف ما أخاف على أمتي كل منافق عليم اللسان " (2). وتحذيرات النبي هذه جاءت بعد أن بين صلى الله عليه وسلم جانب الصواب أولا. ولعلمه بأن الاختلاف واقع كما أخبره ربه. حذر من هذه الجوانب وكأنه يدعو إلى الالتزام بما بين - كما سيأتي.
إن الأمة تدعوا إلى صراط الله المستقيم. نعم. ولكن والله أعلم أن أقرب الطرق إلى غايات الصراط المستقيم. لا يكون فيمن تزكيه الأمة. بل فيمن يزكيه الله. قال تعالى: (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) (3)، فهو سبحانه أعلم بعباده وهم أجنة في بطون أمهاتهم، ويعلم ما هي حقيقة عباده وما هم عليه وما في سرهم وإلى ماذا ينتهي أمرهم. فإذا كان الله أعلم من أول أمر. فلا يحق أن يزكى أحد نفسه فينسبها إلى الطهارة. فالله وحده أعلم بمن اتقى. ولا يخفى أن تجارة التزكية وجمع المناقب. في كثير منها مدخل للشيطان، فعلى بعض التزكيات والمناقب زين الشيطان لكثير من الناس حركة أصحاب هذه المناقب فعبدوهم، والدليل على ذلك ما قاله اليهود في عزير وما قاله النصارى في عيسى ابن مريم عليه السلام وغير ذلك من الأمثلة لأجل ذلك سدت الرسالة الخاتمة هذا الباب. فلا تزكية إلا لمن زكاه الله ورسوله.
إن الأمة مدعوة من الله ورسوله إلى الصراط المستقيم، فإذا دعت نفسها