كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون) (1). إن المس المذكور في الآية الكريمة أوسع من أن يقال لا بد أن يكون من يمسه على طهارة من الخبث أو الحدث.
فلو اقتصر التعريف على هذا. لاحتج به علينا الكفار والمشركين. الذين يشترون المصاحف في كل مكان لأسباب عديدة. بل إن المصاحف تطبع في العديد من البلاد غير الإسلامية وتتناقلها الأيدي من هنا وهناك. كما أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه في زمن من الأزمنة سيقرأ القرآن ثلاثة: مؤمن ومنافق وفاجر (2) فالمنافق كافر به. والفاجر يتأكل منه. والمؤمن يؤمن به (3)، نعم الطهارة مطلوبة ولكن المس الأوسع هو مس العقول له لنيل الفهم والعلم. وفي معنى (لا يمسه إلا المطهرون) قال أبو العالية: ليس أنتم. أنتم أصحاب الذنوب (4) والمطهرون هم الذين طهر الله تعالى نفوسهم من أرجاس المعاصي وقاذورات الذنوب. أو مما هو أعظم من ذلك وأدق. وهو تطهير قلوبهم من التعلق بغيره تعالى، وقال في الميزان: وهذا المعنى من التطهير هو المناسب للمس الذي هو العلم دون الطهارة من الخبث أو الحدث. فالمطهرون هم الذين أكرمهم الله تعالى بتطهير نفوسهم كالملائكة الكرام والذين طهرهم الله من البشر.
قال تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (5) ولا وجه لتخصيص المطهرين بالملائكة كما ذكر بعض المفسرين لكونه تقييدا من غير مقيد (6).
والله جل شأنه ذكر أصنافا من عباده. وخص كل صنف بنوع من العلم والمعرفة. لا توجد في الصنف الآخر. كالموقنين، وخص بهم مشاهدة ملكوت