فيجب أن يكون في الحسبان، إن طاعة النبي وتقديمه على الأنفس هو العمل الذي لا يبور. وغيره يجعله الله هباءا منثورا. والذي يدعو نفسه ويعين قافلته التي تقوده. ربما يتعثر في فهم العمود الفقري الذي تقوم عليه الدعوة. إلا وهو القرآن الكريم. والقرآن الكريم به آية ربما تكون والله تعالى أعلم. آية التعجيز لمن رأى أن يختار الطريق لنفسه. قال تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات، فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا) (1).
فهذه دائرة أخرى [الذين في قلوبهم زيغ] والزيغ. الميل عن الاستقامة.
والآية تكشف حال الناس بالنسبة إلى تلقي القرآن بمحكمه ومتشابهه. وإن منهم من هو زائغ القلب يتبع المتشابه لهدف هو ابتغاء الفتنة والتأويل. ومنهم من هو راسخ العلم مستقر القلب. يأخذ المحكم ويؤمن بالمتشابه. واشتمال القرآن الكريم على المتشابه هو تمحيص القلوب في التصديق به. والكتاب كما يشتمل على المتشابهات. كذلك يشتمل على المحكمات التي تبين المتشابهات بالرجوع إليها. وقال ابن كثير في معنى الآية: فأما الذين في قلوبهم زيغ أي ضلال وخروج عن الحق إلى الباطل إنما يأخذون منه المتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة. ابتغاء الفتنة أي الاضلال وابتغاء تأويله أي تحريفه على ما يريدونه (2) وقال صاحب الميزان: ومعنى الآية. يريدون باتباع المتشابه إضلال الناس في آيات الله. وهو الحصول والوقوف على تأويل القرآن. ومآخذ أحكام الحلال والحرام. حتى يستغنوا عن اتباع محكمات الدين. فينتسخ بذلك دين الله من أصله (3).
وكما ذكرنا أن هذه الآية عمودا فقريا يتحطم عليه كل رأي اختار طريقه