الخاصة من أصحابه تارة أخرى. كل ذلك وفقا لحركة الدعوة وحركة القبائل وثقافتها. وكان في موضع آخر يقول في بعضهم وقد جاءوا به * (دعه. لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه) * (1). ويقول: * (معاذ الله. أتتسامع الأمم أن محمدا يقتل أصحابه) * (2). لقد كان صلى الله عليه وآله يصفح إذا اقتضت المصلحة ذلك أو كما ذكر البخاري، كان يترك قتال المعارضين للتآلف وألا ينفر الناس عنه (3).
وإذا كانت الغلظة أي معاملتهم بخشونة تقتضيه مصلحة الدعوة في صدرها الأول. فإنهم إذا أظهروا النفاق، بمعنى إذا حشدوا حشودهم للدفاع عن ثقافتهم التي يعبرون عنها بألسنتهم، ووقودها في قلوبهم، فإذا كانت المصلحة في قتالهم قوتلوا. ولكن، تحت راية إمام حق، عالم بالتأويل. لأن قتال المسلمين يختلف عن قتال غيرهم، فالقتال أي قتال، فيه دماء، وسبي، وجرحى، وأرامل، إلى غير ذلك. وهذا كله إذا دار تحت سقف واحد احتاج إلى فقه طويل عريض عال. يقول الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه فيما ذكر ابن كثير: بعث النبي صلى الله عليه وسلم بأربعة أسياف. سيف للمشركين * (فإذا انسلخ الأشهر الحرم فقاتلوا المشركين) * وسيف للكفار من أهل الكتاب * (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) *، وسيف للمنافقين * (جاهدوا الكفار والمنافقين) *، وسيف للبغاة * (فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) *. قال ابن كثير: وهذا يقتضي أنهم يجاهدون بالسيوف إذا أظهروا النفاق، قال بذلك ابن جرير (4). وكما سارت حركة الدعوة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة والمشاورة في الأمر، وجهاد المشركين بما تقتضيه المصلحة ضرب الوحي سورا من الرحمة يحدد كيف يتعامل