على الانسحاب والاستئذان. وإنما كانوا يلقون بالفتن ليفرقوا كلمة المسلمين.
وذلك عن طريق الذين كانوا يسمعون لهم، قال تعالى: * (لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين) * (1). قال المفسرون: وفيكم سماعون لهم: أي مطيعون لهم ومستجيبون لحديثهم وكلامهم، يستنصحونهم وإن كانوا لا يعلمون حالهم.
فيؤدي إلى وقوع شر بين المؤمنين وفساد كبير (2). وقيل: * (وفيكم سماعون لهم) * السماع: أي السريع الإجابة والقبول (3). وإذا كان القرآن قد أشار إلى جماعة أو أفراد يسمعون للمنافقين. فإنه في موضع آخر يبين أن المؤمنين في وقت ما انقسموا إلى فئتين لكل فئة رأي في المنافقين، قال تعالى مخاطبا المؤمنين: * (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا تريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) * (4). قال المفسرين: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، فرجع ناس خرجوا معه. فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين. فرقة تقول: نقتلهم. وفرقة تقول: لا. وهم المؤمنون فأنزل الله * (فما لكم في المنافقين فئتين) * (5). وقال تعالى منكرا على المؤمنين في اختلافهم في المنافقين، أنه سبحانه أركسهم بسبب عصيانهم ومخالفتهم الرسول واتباعهم الباطل. أتريدون أن تهدوا من لا طريق له إلى الهدى، وهم يودون لكم الضلالة لتستووا أنتم وإياهم، وما ذاك إلا لشدة عداوتهم وبغضهم لكم (6).
فالمنافقون وضعوا العراقيل العديدة، ولكن الذين آمنوا استطاعوا بإيمانهم الراسخ أن يعبروا هذه العقبات نظرا لتمسكهم بتعليمات النبي صلى الله عليه