وعلى الرغم من أن مساحة اللارواية قد عتمت على تحذيرات كثيرة وتبشيرات أكثر، إلا أن الحجة كانت قائمة حتى في هذه العتمة. وكان العديد من الصحابة يعلمون أن لهم يوما يبتلون فيه وأن الجمل سيكون علامة ناصعة في هذا اليوم. فعن عمير بن سعيد قال: كنا جلوسا مع ابن مسعود وأبو موسى عنده.
فأخذ الوالي رجلا فضربه وحمله على جمل، فجعل الناس يقولون: الجمل الجمل. فقال رجل: يا أبا عبد الرحمن هذا الجمل الذي كنا نسمع؟ قال: فأين البارقة (1).
فمن هذا كله نستطيع القول بأن الحجة على الأحداث قد قامت على الجيل الأول وذلك في إخبار النبي صلى الله عليه وسلم بالغيب عن ربه جل وعلا.
ويمكن أن نقول. إن الضجيج الذي حدث في مكة وإن كان مظهره يحمل قميص عثمان. إلا أن جوهره بخلاف ذلك. فالذين نكثوا البيعة أرادوا شق الأمة بوضع السيدة عائشة في أعلى مربع أهل البيت ليقطعوا الطريق على علي بن أبي طالب.
والدليل على ذلك ما حدث أثناء الهياج عندما هب الناس للبحث عن الحقيقة.
فلقد ذهبوا إلى أكابر الصحابة وقتئذ ليعرفوا من هم أهل البيت. روى الإمام مسلم أن يزيد بن حبان وحصين بن سبرة وعمر بن مسلم. ذهبوا إلى زيد بن أرقم فقال له حصين: من أهل بيته يا زيد. أليس نساؤه من أهل بيته. فقال زيد: لا - وفي رواية - نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده " (2)، قال النووي: نساؤه لا يدخلن فيمن حرم الصدقة (3). وسيأتي متابعة حرمة الناس في هذا الوقت في حينه.
ومن الدليل أيضا على أن المقصود من حركة الناكثين الإطاحة بعلي من دائرة أهل البيت. أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن هذا الالتباس سيحدث. وأوصى بعلي. وذلك فيما رواه حذيفة قال: كيف أنتم وقد خرج أهل بيت نبيكم صلى الله عليه وسلم فرقتين. يضرب بعضهم وجوه بعض. قالوا: