والخمور، وروى ابن أبي الحديد. أن عليا كان يأمر بمحاربة شعراء أهل الشام الذين يروجون شعر الأديرة، وروى أن كعب بن جعيل عندما شرب الخمر وأقام علي بن أبي طالب عليه الحد. غضب ولحق بمعاوية وهجا عليا " (1)، ولما كانت الخمور زادا للشعراء والقصاصين فإن أمير المؤمنين حرق مركز صناعتها وذلك فيما رواه ربيعة بن زكار قال: نظر علي بن أبي طالب إلى قرية. فقال: ما هذه القرية؟ قالوا: قرية تدعى زرارة يلحن فيها ويباع فيها الخمر. فأتاها بالنيران وقال: إضرموها: فإن الخبيث يأكل بعضه بعضا. فاحترقت (2)، وكان علي رضي الله عنه يوصي الشعراء بتعلم القرآن.
وإذا كانت الإصلاحات العلوية قد شملت عزل الأمراء والتسوية في الأموال والرحمة بالإنسان والحيوان والعودة إلى رواية العلم كما كان على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم فإن هذه الإصلاحات فتحت على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أبوابا دخلت منها أصناف من الصدود. فنبلاء قريش وطبقتها العليا منهم من وجد أن عليا ساوى بينه وبين الطبقة السفلى فتحركت فيهم مشاعر لا تختلف كثيرا عن مشاعر الذين شعروا بالضجر يوم أن ساوى الرسول صلى الله عليه وسلم بينهم وبين بلال وخباب وعمار وغيرهم. وهؤلاء إما فروا إلى معاوية في الشام وإما تفرغوا للكيد داخل القوات الإسلامية العلوية. ومنهم من وجد أن عودة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستظهر فضل علي بن أبي طالب لا محالة وستدين أطرافا أخرى بصورة من الصور فوجدوا أن السبيل لقطع هذا الطريق هو تشكيك الناس في علي بن أبي طالب بأنه ليس وحده من أهل البيت وأن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من أهل البيت أيضا ولهن ماله وعليهن ما عليه وأن خروجه على إحداهن هو شق لصف أهل البيت. والذين ذهبوا إلى هذا المسلك استندوا على عمق مساحة اللارواية وما ترتب عليها من نسيان أو تناس للرواية فضلا على وجود جيل كامل في الأمصار