قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الهادي هو علي بن أبي طالب " (1).
وبعد أن بين الإمام مصادر الرواية بين ما ترتب على ذلك من اختلاف:
ترد على أحدهم القضية في حكم من الأحكام. فيحكم فيها برأيه. ثم ترد تلك القضية بعينها على غيره. فيحكم فيها بخلاف قوله. ثم يجتمع القضاة بذلك عند الإمام الذي استقضاهم. فيصوب آراءهم جميعا وإلههم واحد ونبيهم واحد وكتابهم واحد. أفأمرهم الله تعالى بالاختلاف فأطاعوه. أم نهاهم عنه فعصوا. أم أنزل الله سبحانه دينا تاما فقصر الرسول عن تبليغه وأدائه. والله تعالى يقول: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) (2)، وفيه تبيان كل شئ. وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا وأنا لا اختلاف فيه: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) (3)، وأن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق. لا تفنى عجائبه. ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به " (4).
وبعد أن بين الإمام اختلاف الرواة وما ترتب عليه من اختلاف الفتوى. فتح أبواب البحث: أيها الناس إنه من استنصح الله وفق. ومن اتخذ قوله دليلا هدى للتي هي أقوم. فإن جار الله آمن. وعدوه خائف. وإنه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعظم. فإن رفعة الذين يعلمون ما عظمته أن يتواضعوا له. وسلامة الذين يعلمون ما قدرته أن يستسلموا له. فلا تنفروا من الحق نفار الصحيح من الأجرب. والباري من ذي السقم. واعلموا أنكم لن تعرفوا الرشد حتى تعرفوا الذي تركه. ولن تأخذوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي نقضه. ولن تمسكوا به حتى تعرفوا الذي نبذه. فالتمسوا ذلك عند أهله. فإنهم عيش العلم. وموت الجهل، هم الذين يخبركم حكمهم عن علمهم. وصمتهم عن منطقهم.
وظاهرهم عن باطنهم، لا يخالفون الدين ولا يختلفون فيه. فهو بينهم شاهد