كيف أصلي بهم؟ فقال: " صل بهم كصلاة أضعفهم. وكن بالمؤمنين رحيما ".
وأما بعد هذا. فلا تطولن احتجابك عن رعيتك فإن احتجاب الولاة عن الرعية. شعبة من الضيق. وقلة علم بالأمور. والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه. فيصغر عندهم الكبير. ويعظم الصغير، ويقبح الحسن.
ويحسن القبيح. ويشاب الحق بالباطل. وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الأمور. وليست على الحق سمات لا تعرف بها ضروب الصدق من الكذب. وإنما أنت أحد رجلين: أما أمرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق. ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه. أو فعل كريم تسديه أو مبتلي بالمنع. فما أسرع كف الناس عن مسألتك. إذا أيسوا من ذلك! مع أن أكثر حاجات الناس إليك ما لا مؤونة فيه عليك. من شكاية مظلمة. أو طلب إنصاف في معاملة.
ثم إن للوالي خاصة وبطانة. فيهم استئثار وتطاول. وقلة إنصاف في معاملة. فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الأحوال. ولا تقطعن لأحد من حاشيتك وحامتك قطيعة. ولا يطمعن منك في اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك. يحملون مؤونته على غيرهم. فيكون مهنأ ذلك لهم دونك. وعيبه عليك في الدنيا والآخرة. وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد. وكن في ذلك صابرا محتسبا. واقعا ذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع. وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه. فإن مغبة ذلك محمودة. وإن ظننت الرعية بك جيفا. فأصحر لهم بعذرك. وأعدل عنك ظنونهم بإصحارك. فإن في ذلك رياضة منك لنفسك. ورفقا برعيتك. وإعذارا تبلغ به حاجتك من تقويمهم على الحق.
قال ابن أبي الحديد: نهاه عن أن يحمل أقاربه وحاشيته وخواصه على رقاب الناس. وأن يمكنهم من الاستئثار عليهم والتطاول والإذلال. ونهاه عن أن يقطع أحدا منهم قطيعة. أو يملكه ضيعة تضر بمن يجاورها في شرب يتغلبون على الماء منه. أو ضياع يضيفونها إلى ما ملكهم إياه. وإعفاء لهم من مؤنة. أو حفر وغيره. فيعفيهم الولاة منه مراقبة لهم. فتكون مؤنة ذلك الواجب عليهم قد أسقطت عنهم. وحمل ثقلها على غيرهم. ثم قال الإمام: لأن منفعة ذلك في