حتى قتلوه (1).
فكما ترى جميعهم من الصحابة وليسوا من الدهماء والرعاع كما قال البعض. ولم يكن بينهم عبد الله بن سبأ كما قال البعض الآخر من الذين أرادوا أن يقطعوا طريق البحث العلمي من قديم الزمان حتى لا يدينهم التاريخ وحتى لا تضع الأمة أيديها على موطن الداء ومركز الفتن. لم يكن هناك ابن سبأ. وكان هناك كعب الأحبار الذي كان يؤخذ برأيه في زمن عثمان في توزيع المال كما روى ابن أبي الحديد. وكان هناك أبو سفيان الذي سمعه عمار بن ياسر وهو يقول: " تلقفوها تلقف الكرة " وانطلق عمار إلى الصحابة ينقل إليهم الخبر كما ذكر المسعودي (2)، وكان هناك الفاسق الذي يعرف عند من اشتغل بعلوم السيرة والتاريخ.
وبنظرة أخيرة على أحداث الثورة نقول: إن مشكلة عثمان كانت في وضع بني أمية على رقبة الناس الأمر الذي جعل من أكلة القنافذ والضباب أصحاب خزائن كبرى مليئة بالذهب والفضة يصدون بها عن سبيل الله. وانتماء عثمان إلى قومه والعمل من أجلهم واضح وضوح الشمس. فالرسول صلى الله عليه وسلم كلما أهدر دم أحد منهم أو نفاه كان عثمان هو الملجأ. وخير دليل ما ورد في معاوية بن المغيرة بن العاص. كان النبي قد أسره بعد غزوة حمراء الأسد عند رجوعه إلى المدينة فلجأ إلى عثمان فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله إن وجد بعد ثلاثة أيام. وعندما تواري بعيدا عن أعين الرسول بعت الرسول إليه بعمار بن ياسر وزيد بن حارثة وأخبرهما بمكانه وعندما وجداه قتلاه (3). وأيضا ما ورد في عبد الله بن أبي السرح والحكم بن أبي العاص الذي جاء به عثمان من منفاه. وضرب بمشاعر المسلمين عرض الحائط يوم أن أقام على قبره فسطاطا.
وكأنه أراد أن يكون وجود الحكم شاخصا حيا أو ميتا على أرض الدولة بعد نفي