الخلاف (1). فالإمام كان يعلم بالنتيجة، وكان يراقب من بالمدينة وكان يكره الخلاف وكان يقيم الحجة ولا إكراه في دين الله.
وروي أن عبد الرحمن بن عوف قال لعلي بن أبي طالب هل أنت مبايعي على كتاب الله وسنة نبيه وسنة الماضين من قبل؟ وفي رواية: وسيرة أبي بكر وعمر؟ وفي رواية: وفعل أبي بكر وعمر؟ فقال علي: أرجو أن أفعل وأعمل بمبلغ علمي وطاقتي، فقال عثمان: أنا يا أبا محمد أبايعك على ذلك (2).. فقام عبد الرحمن ودخل المسجد وأرسل إلي من كان حاضرا من المهاجرين والأنصار وأرسل إلى أمراء الأجناد ثم قال: يا علي إني قد نظرت في أمر الناس فلم أراهم يعدلون بعثمان (3). فقال علي: حبوته حبو دهر. ليس هذا أول يوم تظاهرتم فيه علينا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون. ثم خرج وهو يقول: سيبلغ الكتاب أجله. فقال المقداد: يا عبد الرحمن أما والله لقد تركته وإنه من الذين يقضون بالحق وبه يعدلون. فقال: يا مقداد والله لقد اجتهدت للمسلمين. فقال المقداد: ما رأيت مثل ما أوتي إلى أهل هذا البيت بعد نبيهم. إني لأعجب من قريش إنهم تركوا رجلا ما أقول أن أحدا أعلم ولا أقضى منه بالعدل. أما الله لو أجد عليه أعوانا. قال عبد الرحمن: يا مقداد اتق الله فإني خائف عليك الفتنة.
فقال رجل للمقداد (4): رحمك الله من أهل هذا البيت ومن هذا الرجل (5)!! فقال المقداد: أهل البيت بنو عبد المطلب والرجل علي بن أبي طالب (6).
لقد وضع عبد الرحمن شرطا يعلم أن عليا لن يقبله. بل يعلم أن عليا لو وجه النقد لهذا الشرط لكان في هذا كفاية لسيل الدماء فضلا عن ابتعاد الخلافة