بعد الإيمان " (1).
ثم يقول صاحب السر الشاهد على عصر الصحابة بعد وفاة النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: " إن الرجل كان يتكلم بالكلمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصير منافقا. وإني لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات. وفي رواية: عشر مرات (2). إنها ثقافة وتربية مجتمع الرأي والمصلحة، وإلا كيف انتشرت هذه الثقافة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بزمن يسير؟ ثم يفجر حذيفة أكبر حقيقة ترتبت على ذلك كله فيقول: قال صلى الله عليه وسلم: اكتبوا إلى من تلفظ بالإسلام من الناس. فكتبنا له ألف وخمسمائة رجل، فقلنا: تخاف ونحن ألف وخمسمائة. ثم يقول حذيفة: فلقد رأيتنا ابتلينا حتى أن الرجل ليصلي وحده وهو خائف (3). وفي رواية عند مسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا. قال حذيفة: فابتلينا حتى جعل الرجل لا يصلي إلا سرا (4).
إن الصلاة سرا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بأقل من ربع قرن انتهت في زمان بني أمية إلى ما رواه البخاري عن أنس، دخل عليه الزهري فوجده يبكي. فقال ما يبكيك؟ قال: لا أعرف شيئا مما أدركت إلا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت (5). إن الأحاديث التي رواها حذيفة والأقوال التي قال بها حدثت إما في زمن أبي بكر، و إما في عهد عمر الذي اعترف صراحة بتعيين المنافقين، وإما في عهد عثمان، ونحن نرجح العهد الأخير لأنه باب لأسرة ذمها رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث صحيحة. والنبي صلى الله عليه وسلم كان قد أخبر بظهور النفاق فقال: لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا، يظهر النفاق، وترفع الأمانة، وتقبض الرحمة، ويتهم الأمين،