صلى الله عليه وسلم قال: " إذا اتخذ الفئ دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما وتعلم لغير دين الله... فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وزلزلة وخسفا ومسخا وقذفا وآيات تتتابع كنظام بال قطع سلكه فتتابع ". وفي رواية: " إذا فعلت أمتي خمس عشر خصلة حل بها البلاء "، منها: " إذا كان المغنم دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما " (1). إن النظام الاقتصادي في المقدمة، فإذا انحرف ظهر أمراء السوء وفقهاء السوء وعادت نخوة الجاهلية، وراجت الأحاديث التي يكذبون فيها على رسول الله، ودخلت المباحث الكلامية عالم البريق والزخرف. وروي الشعر وراج القصص وكل هذا من أجل المال الذي في بيت المال ويغترف منه الأمراء والأجناد. وعالم مثل هذا لا بد أن تجرى عليه الزلزلة فتتباعد أركانه، أو تنهدم ويجري عليه الخسف فيتوارى تحت التراب وتخسف هامته.
ومن الثابت أن الدولة الواسعة الأطراف لم تستطع البقاء تحت حكم إدارة مركزية واحدة، فكما توسعت بسرعة نراها تجزأت بسرعة أيضا، وأول من قام بتجزئتها أحد أفراد أسرة الأمويين في إسبانيا وهو عبد الرحمن الداخل، حيث أسس دولة مستقلة سنة 139 ه، ورفع يد الحاكم العباسي عن ذلك الجزء من الدولة الإسلامية. ثم انفصل الأدارسة وأسسوا الدولة العلوية في مراكش. ثم انفصل الأغالبة واستولوا على بقية مناطق إفريقيا سنة 184 ه، وأسسوا دولة الأغالبة، وبعد قرن أي في سنة 246 ه ظهر ابن طولون في مصر ففصلها عن الدولة الإسلامية. أما في المشرق فتم تأسيس الدولة الطاهرية بخراسان (204 ه)، ثم ظهرت دويلات صغيرة بعد ذلك في شرق إيران كالصفاريين والسامانيين والغزنوبيين. وفي منتصف القرن الرابع الهجري سيطر على جهاز الدولة العباسية القواد والأمراء والحجاب والمماليك والأتراك. وخلال هذه الفترة قامت الدولة البويهية في الجزء المتبقى لهم في إيران. ثم انقرضت الدولة العباسية على يد المغول سنة 656 ه.
ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بهذه النهايات قال: " منعت