وكذا " (1). فأي علم هذا وأي دعوة هذه التي يشرف عليها الفاجر والخائن من الأمراء؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " لا إيمان لمن لا أمان له ولا دين لمن لا عهد له " (2)، والقرآن قد نهى عن اتخاذ بطانة من دون المؤمنين.
وإذا كانت البصرة قد أدينت من قبل أن تمصر، فإن أمراء عمر بن الخطاب قد أدينوا من قبل أن يظهروا على مسرح الأحداث. وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بأنه سيظهر من بعد وفاته رجلا يقال له أويس، وأن هذا الرجل كريم عند ربه، وإنه خير التابعين (3)، وأمر أصحابه إن لقوه فليطلبوا منه أن يستغفر لهم، وخص النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب وقال: إن استطعت أن يستغفر لك فافعل (4). وظهر أويس في عهد عمر بن الخطاب، ولهذا قصة طويلة، وطلب عمر أن يستغفر له ففعل. وحرص عمل على أن يبقى أويس معه ولا يفارقه ولكنه أملس منه (أي تملس من الأمر. تخلص وأفلت) (5)، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة! فقال عمر: ألا أكتب لك إلى عاملها فيستوصي بك؟ قال: لا!! أكون في غبراء الناس أحب إلي (6). لقد رفض أويس الأمراء، وعندما ذهب إلى الكوفة سأله رجل: كيف الزمان؟ فقال أويس: إن قيام المؤمن بأمر الله لم يبق له صديقا، والله إنا لنأمرهم بالمعروف وننهاهم عن المنكر فيتخذوننا أعداء، ويجدون على ذلك من الفاسقين أعوانا، حتى والله لقد يقذفوننا بالعظائم. والله لا يمنعني ذلك أن أقول الحق (7).
وقال أويس لهرم بن حبان: إن الأرواح لها أنفس كأنفس الأحياء، إن