الغزاة عندما عرفه الله ما كان في كتابه من بيان ذلك!! توفيقا من الله كان له فيما صنع وفيه كانت الخيرة للمسلمين (1).
وفتح بيت المال لاستقبال الخراج، وانطلق الأمراء الذين وقع اختيار أبي بكر وعمر عليهم من أجل أن يفتحوا البلاد. ولم تمض سنتان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله حتى اتسعت الفتوحات بسرعة هائلة، فاستولى المسلمون على أراضي كلدة والحيرة التي سميت فيما بعد بالعراق. ثم جاءت موقعة اليرموك لتفتح أبواب الشام، ويفتح المسلمون دمشق وأنطاكية وبيت المقدس. ثم تحولوا إلى الشرق فقضوا على الدولة الساسانية وحكموا إيران، ثم استولوا على أفغانستان ووصلوا إلى حدود نهر السند. ثم تحولوا إلى المغرب، وفتحوا مصر وعموم شمال إفريقيا، ووصل المسلمون إلى سواحل المحيط الأطلسي. ثم حملوا عن طريق ميناء طنجة على إسبانيا واستولوا على طليطلة.
وبالجملة: أصبحت الدولة الإسلامية تمتد من شواطئ المحيط الأطلسي في الغرب إلى نهر السند في الشرق، ومن بحر مازندران في الشمال إلى منابع النيل في الجنوب.
ونشر الدعوة عمل فطري، ومن الثابت أن المخلصين لم تخل منهم ساحة على امتداد الفتوحات. فكما كان في الصفوف طلاب المال والجاه كان فيها أيضا دعاة الحق وابتغاء مرضاة الله ولكن التيار العام لم يكن مع هذا الصنف الرسالي في معظم الأحيان. ولهذا نجد أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحذر من التيار العام وذلك لشدته وسرعته فقال: إذا فتحت عليكم فارس والروم أي قوم أنتم؟ فقال عبد الرحمن بن عوف: نكون كما أمرنا الله، قال النبي: أو غير ذلك تتنافسون ثم تتحاسد ثم تتدابرون ثم تتباغضون (2).
والتنافس إلى الشئ المسابقة إليه وكراهة أخذ غيرك إياه. وهو أول درجات الحسد. وأما الحسد فهو تمني زوال النعمة عن صاحبها. وأما التدابر