فالذي لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق هو القادر على القيادة وتحديد الذين سيتعامل معهم. ومن هو الذي سيكون قريبا من دائرة القرار ومن هو الذي ينبغي أن يكون في موقع بعيد عن الأسرار المهمة للدولة.
إن سهم المؤلفة قلوبهم لم يكن يعطى كي يعتنق البعض الإسلام. فهذا المنطق في ديار التبشير حيث ينطلق المبشرون بالخبز والدواء في كل مكان كي يعتنق الناس النصرانية. أما الإسلام فلا. لأن الآية حددت القلب كدائرة عمل قال تعالى: * (والمؤلفة قلوبهم) *، فالرسول صلى الله عليه وآله يهيئ قلوبهم ويجهزها كي تستقبل منه. ومعنى يهيئ قلوبهم أن يحدد المرض الذي على الطريق إلى القلب ثم يجهز له الدواء المناسب. فهناك من كان النبي يتألفه بوضعه على رأس سرية من السرايا. حتى إن عمرو بن العاص عندما قيل له عند موته: قد كان رسول الله يدينك ويستعملك قال: أما والله ما أدري أحبا كان ذلك أم تألفا يتألفني (1)، ومنهم من كان يتألفهم بمشاورتهم في بعض الأمور. ومنهم من كان يتألفه بالمال عن صفوان بن أمية قال: أعطاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنه لأبغض الخلف إلي فما زال يعطيني حتى أنه لأحب الخلق إلي (2).
إن الرسول صلى الله عليه وآله يحدد الداء الذي في الصدر وعليه يعطي الدواء لكي يقيم الحجة على أفراد بعينهم. أنه صلى الله عليه وآله يحطم الأصنام التي تحت الجلود كي يجعل أصحابها أحرارا في اتخاذ القرار.
كما حطم إبراهيم عليه السلام الأصنام من قبل كي يرجع القوم إلى أنفسهم ويكونوا أحرارا في اختيارهم " قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كان ينطقون. * (فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم