وآله وسلم. وإذ ينزل الوحي... وإذ ينبأنا الله من أخباركم ألا وإن النبي صلى الله عليه وآله قد انطلق وانقطع الوحي وإنما نعرفكم بما نقول لكم من أظهر منكم خيرا ظننا به خيرا وأحببناه عليه. ومن أظهر لنا شرا ظننا به شرا وأبغضناه عليه. سرائركم بينكم وبين ربكم ألا أنه قد أتى علي حين وأنا أحسب أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده فقد خيل إلي بآخره ألا أن رجالا قد قرأوه يريدون به ما عند الناس فأريدوا الله بقراءتكم وأريدوه بأعمالكم (1).
في هذا الخطاب أمضى الفاروق بأن الطريق الذي بدأه بقول: " حسبنا كتاب الله " قد أنتج في عهده. من يقرأ القرآن يريد به ما عند الناس. وفي الخطاب يأس من معرفة المنافقين. وفيه أن العمود الفقري الذي تدور عليه السياسة " وإنما نعرفكم بما نقول لكم "، وقد أمر رضي الله عنه بما كان يراه لمصلحة المسلمين. ولكن الإشكال في قوله: " من أظهر لنا شرا ظننا به شرا "، لأن المنافق لا يظهر شرا!! وعلى هذا تسلل أغيلمة قريش إلى الكراسي الأولى.
وأمروا الناس بقتل الحسين واستباحة المدينة. وقتل من بقي من الأنصار وحرق الكعبة وجلد المسلمين. وكانوا يعرفون الناس بما يقولون لهم فمن أظهر لهم شرا أطاحوا برقبته وطافوا برأسه. حتى انتهى الأمر إلى ما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمراء السور وبطانتهم. وأغلب الظن أن الصحابة في المجتمع المدني بعد رحيل النبي صلى الله عليه وآله تبينوا أن وجود سهم المؤلفة يحتم وجود طرف آخر تحت ضوئه يظهر النفاق، ونظرا لأن ظروفا ما حتمت إبعاد هذا الطرف سيصبح سهم المؤلفة إرثا للذين كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعطيهم أو أن قاعدته ستتسع لتشمل البعض من الذين لم يقطع بنفاقهم أو سيصبح نهيا ويوظف لاتجاهات أخرى الصحابة أجل من أن يخوضوا فيها، وعلى هذا فضلوا الإطاحة بالسهم وهذا العمل وفقا لأعمدة المجتمع المدني عمل لا غبار عليه ويمكن فهمه.