برنامج الشيطان وصدوا به عن سبيل الله. ولكن على طريقتهم، فاستهدفوا الرسول والدعوة والذين آمنوا، قال تعالى: (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة) (1)، فسؤالهم تنزيل الكتاب من السماء بعدما كانوا يشاهدونه من أمر القرآن. لم يكن إلا سؤالا جزافيا لا يصدر إلا ممن لا يخضع للحق ولا ينقاد للحقيقة. وإنما يلغوا ويهذوا بما قدمت له أيدي الأهواء من غير أن يتقيد أو يثبت على أساس (2). إن هدفه الصد عن السبيل بالتشكيك في الرسول، أما الدعوة فقد استهدفوها من جذورها. فالنبي صلى الله عليه وسلم أعلن على أسماع الجميع أن دعوته مبنية على الفطرة ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين، فقام المشركين من أهل الكتاب بالمتاجرة على حساب أنهم أولى الناس بإبراهيم.
يريدون من وراء ذلك إبعاد الناس عن الدعوة، فنزل قول الله تعالى: (يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده أفلا تعقلون) (3). قال المفسرون: ضمت كل طائفة منهم إبراهيم إلى نفسها، فتدعي اليهود أنه كان يهوديا، وتدعي النصارى أن كان نصرانيا. ومن المعلوم أن اليهودية والنصرانية، إنما نشأتا جميعا بعد نزول التوراة والإنجيل، وقد نزلا جميعا بعد إبراهيم عليه السلام. فكيف يمكن أن يكون عليه السلام يهوديا أو نصرانيا. فلو قيل في إبراهيم شئ لوجب أن يقال: إنه كان على الحق حنيفا من الباطل إلى الحق مسلما لله سبحانه. والإسلام الذي وصف به إبراهيم، هو أصل التسليم لله سبحانه والخضوع لمقام ربوبيته (ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين * إنه أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين) (4).
وكما استهدفوا الرسول والدعوة استهدفوا أيضا القوة الإسلامية بعد