الخليفة لا يأخذ إلا حقا ولا يضعه إلا في حق. فأنت بحمد الله كذلك. والملك يعسف الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا. فسكت عمر (1)، ويبدو أن سكون الفاروق يعبر على أن الإجابة ليست كاملة. لهذا سأل سلمان الفارسي: أملك أنا أم خليفة؟ فقال سلمان: إن أنت جبيت من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر. ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة (2)، ويبدو أن هذه الإجابة تشير إلى الفئ وتقسيمه من طرف خفي. ثم طرح السؤال بعد ذلك على كعب الأحبار الذي نعتبره الجريدة الرسمية في هذه الآونة. فسأل عمر كعبا: أنشدك الله أتجدني خليفة أم ملك؟ قال: بل خليفة. فاستحلفه عمر. فقال: خليفة والله من خير الخلفاء وزمانك خير زمان (3).
وروى أن بعد فتح بيت المقدس كان كعب يرافق عمر. وعندما أراد عمر الصلاة قال لكعب: أين ترى أن أصلي؟ قال: إن أخذت عني! صليت خلف الصخرة فكانت القدس كلها بين يدك (4)، لقد كان كعب يريد من وراء ذلك أن تزاحم قبلة اليهود قبلة المسلمين. ولكن عمر تنبه إلى هذا فيما رواه الهيثم بن عمار قال: قال عمر لكعب حين أراد أن يبني المسجد: أين ترى أن نجعل المسجد؟ قال: اجعله خلف الصخرة فتجمع بين القبلتين قبلة موسى وقبلة محمد. فقال عمر، ضاهيت اليهودية والله يا أبا إسحاق. خير المساجد مقدمها فبناه في مقدم المسجد (5).
وفي ساحة حظرت الرواية لا يستغرب أن يسأل عمر كعب الأحبار: أخبرنا عن فضائل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مولده " (6)، وقوله: حدثني